جدل متنام حول المساعدات الإنسانية استأثر باهتمام النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي، يتعلق باستخدام الوسائط الرقمية في القوافل الخيرية التي ترمي إلى تقديم يد العون للمعوزين بـ”المناطق النائية”، خاصة في ظل الظروف المناخية الحالية التي تسببت في عزلة الدواوير القروية.

وبعدما استعانت بعض الجمعيات بالهواتف النقالة لتوثيق الإعانات الغذائية المقدمة للسكان القرويين، انقسم نشطاء الشبكات الافتراضية بين مؤيد لتصوير عمليات توزيع المؤن بدعوى أنها تحثّ على “فعل الخير”، ومعارض لنشر صور النساء والأطفال أثناء تسلم المساعدات الإنسانية، في ما يشبه المن (شوفوني كندير الخير”.

ويثير الموضوع سالف الذكر إشكالات كبيرة على مستوى تصوير الأطفال الصغار على وجه التحديد، بالنظر إلى “التشهير” الذي يتعرضون له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة على بعض الصفحات التي تستهزئ من عوزهم المادي أو عدم إجادتهم الحديث بـ”الدارجة”.

وفي هذا الإطار يقول علي شعباني، باحث في علم الاجتماع، إن “تلك البدعة حديثة النشأة تخالف الأعراف والتقاليد السائدة في المجتمع المغربي خلال فترة تاريخية معينة، على أساس أن المجتمع بُني على فكرة ممارسة المساعدة والصدقة وفعل الخير في الكتمان حسبَ الأعراف المستقاة من الثقافة الإسلامية”.

وأضاف شعباني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الصدقة والعمل الخيري يجب أن يكونا في الكتمان حتى لا يتم الحرج”، مبرزا أن “دخول كاميرات الهواتف إلى ميدان العمل الإحساني يفاقم الحالة النفسية والاجتماعية والجسدية للناس المعوزين”.

وأوضح المتحدث أن “المساعدات الخيرية يفترض أن تحترم كرامة الإنسان، فذلك المعوز له أبناء وعائلة، لا بد من عدم إظهاره بذلك المظهر الخارجي أمام الملأ”، موردا: “نقول في ثقافتنا اليد العليا خير من اليد السفلى، لأن أي شخص لا يريد أن يضع نفسه في ذلك الموقف”.

واعتبر الباحث الجامعي أن “التصوير في تلك الحالات يدل على هشاشة المجتمع، وفشل مختلف السياسات الاجتماعية الموجهة لهذه الفئات، ما يستدعي إعادة النظر في تدبير مجموعة من الملفات ذات الطابع الاجتماعي، ونشر الوعي أيضا لدى الفقراء والمتسولين إزاء المساعدات”.

hespress.com