تساؤلات كثيرة ضجت بها وسائل التواصل الاجتماعي عن سبب “صمت” رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، بشأن فيضانات الدار البيضاء، حيث بعد مرور قرابة أسبوع على المطبات المناخية التي شهدتها العاصمة الاقتصادية وأدت إلى وقوع أحداث مأساوية، من انهيارات وخسائر في الأرواح والبنى التحتية، مازال العثماني غائبا عن المشهد العام.
وتشهد مدينة الدار البيضاء تساقطات مطرية غزيرة تسببت في حدوث فيضانات وسيول جارفة، أغرقت المدينة في الأوحال وخلفت خسائر في البنية التحتية وتسببت في تعطل حركة السير لساعات، بينما أعلنت السلطات تعبئة الموارد البشرية واللوجستيكية من أجل الحد من تأثيرها.
وتساءلت الهيئة المغربية لحماية المواطنة والمال العام عن فائدة الدراسات الأولية التي أنجزت لمحاربة الفيضانات وحماية جماعة الدار البيضاء، موردة أن الأخيرة لجأت إلى قرض تفوق قيمته مليارات الدراهم لأجل إعادة تأهيل المدينة، محملة المسؤولية الكاملة إلى “كل من جماعة الدار البيضاء وشركات التدبير المفوض عن التقصير في حق الشأن العام للمدينة”.
وليد زهري كتب في إجابته عن المسؤول عن فيضانات الدار البيضاء: “لا أحد يمكن أن يحدد المسؤوليات بشكل دقيق لأن ميدان التعمير في المغرب يعرف تداخل اختصاصات كبيرة بين مجلس المدينة ومجالس المقاطعات والوكالات الحضرية ووكالات الأحواض المائية ومجالس الجهات والوزارات وغيرها. ولا تشكل المجالس المنتخبة سوى جزء من المشهد، لكنها تتلقى أكبر حصة من اللوم”.
من جانبه، تساءل المحلل والجامعي المغربي محمد حفيظ قائلا: “لا أعرف لماذا لا يزال رئيس الحكومة يلزم الصمت أمام هول ما جرى ويجري بمدينة الدار البيضاء منذ خمسة أيام؟”، وتابع: “لم نسمع له خبرا، ولم نر له أثرا، كأن الدار البيضاء عاصمة اقتصادية لدولة أخرى غير المغرب، وكأن ساكنتها محسوبة على بلاد أخرى غير المغرب”.
ومضى الباحث في القانون العام متسائلا: “ما الفائدة من وجود رئيس حكومة إذا لم يكن يتفاعل مع أحداث ووقائع من هذا الحجم، في الزمن الحي وبالقرار المناسب؟”، مذكّرا بأن رئيس الحكومة هو سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية.
واعتبر المحلل ذاته أن “حزب العدالة والتنمية يشارك في تسيير مدينة الدار البيضاء منذ 17 سنة، ويرأس مجلسها (مجلس المدينة) منذ ست سنوات، ويرأس 16 مقاطعة من مقاطعاتها، وله أكبر عدد من نوابها البرلمانيين يفوق ثلثي العدد المخصص لها”، موردا أن “الحزب هو الذي يقود الحكومة، منذ عشر سنوات، في شخص أمينه العام ويتوفر على أكبر عدد من مقاعدها الوزارية”.
وشدّد الجامعي ذاته على أنه “لم يسبق لحزب من الأحزاب أن توفرت له ولأعضائه مثل هذه المناصب في مجلس المدينة ومقاطعاتها ودوائرها البرلمانية وفي الحكومة ومقاعدها الوزارية”، مضيفا: “إذا كانت فيضانات الدار البيضاء قد فضحت هشاشة البنيات التحتية وضعف التسيير وفساد التدبير وفظاعة التبذير، فإنها كشفت أيضا أن دولة المغرب بدون رئيس حكومة”.