كما كان متوقّعا سلفاً، اختارت غالبية الأسر المغربيّة إرسالَ أبناءها إلى حجراتِ المدارسِ خلال الموسم الدّراسي المقبل واعتماد التّعليم الحضوريّ، على الرّغم من خطرِ انتشار فيروس “كورونا” داخل قاعات الدّراسة، الذي يقابلهُ “تطميناتُ” الوزارة بضمان صحّة التلاميذ.

ويواجهُ القرار الحكومي مجموعة من التّحديات التي ستعيقُ تنزيله بشكلٍ يلائم إمكانيات المغرب من جهة، ويواكبُ الحالة الوبائية الصّحية “المعقّدة” من جهة أخرى؛ فمعروف أنّ غالبية الأسر المغربيّة ستضطرُّ إلى إرسال أبنائها إلى المدارس بحكم غياب الإمكانيات التي تتيحُ متابعة الدّروس عن بعد.

كما لا تُبدي العديد من الأسر المغربية حماساً “واضحاً” بشأن استمرار اعتماد التّعليم عن البعد، ولذلك تضطرّ هي الأخرى إلى إرسال أبنائها إلى الأقسام، خاصة بعد تطمينات الوزير أمزازي الذي أكّد أنّ “صحّة التلاميذ أولى الأولويات”.

ويقف مهنيون عند ما تعانيه “غالبية المدارس على مستوى كل الأطوار التعليمية، حيث لا يعثر التلاميذ على مرحاض أو مرفق صحي مناسب، ولا على الماء من أجل الشرب، وبالأحرى أن يخصّص للنظافة والتعقيم”، متسائلين ما إذا كانت كل المؤسسات ستخضعُ لعملية التنظيف والتعقيم المستمر طيلة اليوم؟

وسجّل حسن الحداد، نائب رئيس رابطة الدّفاع عن حقوق المستهلكين، أنّ “وزير التّعليم تشبّت بالدّخول المدرسي رغمَ كل المؤشرات التي تنذر بانتشار وباء كورونا وبزيادة عدد الإصابات والوفيات خلال المرحلة المقبلة”.

وأبدى الفاعل المدني تخوفه من أن يتحوّل الدّخول المدرسي إلى بؤرة للفيروس كما حصل في عيد الأضحى، الذي تحوّل إلى “مأساة ومناسبة لإثارة الأوجاع والآلام، فأصبحنا نشكو من بؤر التجمعات السكنية وبؤر المخالطين وبؤر المعامل والضيعات الفلاحية، وبؤر المؤسسات الإدارية، ووصل الوباء إلى العالم القروي”.

وشدّد الحدّاد في تصريحه لهسبريس على أنّ “الوزير أمزازي تشبّث بالدّخول المدرسي رغم مناشدة كل الأطراف والجهات بتأجيله وليس إلغائه، فإذا كان هناك من يغار على مصلحة التلاميذ حقيقة فهم أولياؤهم، فهم أحوج ما يكون إلى عودة فلذات أكبادهم إلى مقاعد الدراسة من أجل أن يستريحوا من مناوشاتهم وشغبهم”.

وزاد الفاعل المدني أن “الأمر يتعلق بطبقة هشة تتعلق بالأطفال وصغار السن والأحداث والشباب الذين لا يمكن التحكم في حركيتهم ونشاطهم الطبيعي مهما كانت الحواجز التي يمكن وضعها أمامهم، وهو ما يثير الإحساس بالخوف من انتقال العدوى إلى أوساط التلاميذ والطلبة بكل فئاتهم، وكذلك إلى الأطر التعليمية”.

واعتبر المتحدّث أنّ “المطلب الرئيس بالنسبة للرأي العام كان هو تأجيل الدخول المدرسي لفترة محددة من أجل الإعداد الجيد لهذه المرحلة، وتوفير الوسائل والإمكانيات التي من شأنها إنجاح خطة الوزارة، وفي الوقت نفسه حفظ حياة التلاميذ والأطر التعليمية من الخطر”.

وتساءل الحداد في هذا الصّدد: “كيف سيتم التعامل أيضا مع أولياء التلاميذ بالمؤسسات التعليمية، الذين يظلون يرافقون أبناءهم الصغار، خصوصا في كل أوقات الدخول والخروج؟ فهل سيخضعون بدورهم لإجراء الفحص؟ وهل سيكون هؤلاء سالمين جمعها ولا غبار على حالتهم الصحية؟”.

أما فيما يخص البنيات المدرسية وفضاءات الاستقبال داخل المؤسسات، يضيفُ المتحدّث، فإن “الملمح العام هو افتقار معظم المؤسسات التابعة للتعليم العمومي للتجهيزات الكافية، وخصوصا في الجانب المتعلق بالمرافق الصحية الكافية والمؤهلة، وكذلك الفضاءات الخاصة بالاستراحة”.

hespress.com