السِّيناريو المُرعب الذي كان يخشاهُ المغرب قد أصبحَ واقعاً، ولم يعدْ مُمكناً التّريث في اتخاذِ إجراءات صارمة لإنقاذ البلاد من الدّخول في مرحلة التّيه؛ وذلكَ بعد تسجيلِ مئات الإصابات بفيروس “كوفيد 19” في ظرفٍ وجيزٍ، لا سيّما أنّ عيد الأضحى على الأبواب وهو ما سينذرُ بحدوثٍ تصاعدٍ لافتٍ في وتيرة انتشارِ الوباء.

ويُحذّر خبراء ومتخصّصون من أنْ يشهدَ المغرب، مباشرةً بعد احتفالات عيد الأضحى، موجة غير مسبوقة للإصابة بوباء “كوفيد 19″، الذي ما زالَ يحيّرُ الأوساطَ الرّسمية وغير الرّسمية المغربية؛ وذلكَ على الرُّغم من الإجراءات الاحترازية والوقائية المشدّدة التي أقرّتها سلطات البلاد.

ودفعَ الوضعُ “الضّبابي” في عدد من المدنِ المغربية التي تشهد إصابات مرتفعة بالفيروس، كطنجة ومراكش والدّار البيضاء، إلى الاستعانة بالطّب العسكري لتجاوزِ مخلّفات الأزمة الصّحية؛ بينما يترقّب المتتبّعون كيفية تعاطي الدّولة مع الجائحة في حالة تدهور الوضع الوبائي في البلاد.

ويتوقّع الدكتور الطيب حمضي، طبيب وباحث في قضايا السياسات والمنظومة الصحية، ارتفاع عدد الحالات والبؤر المكتشفة، مع زيادة خطرِ الوباء والإماتة”، مبرزاً أنّ “الشّهور المقبلة ستكون حاسمة في مسار مواجهة الجائحة”.

ودعا الطّبيب ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى “ضرورة نزول السّلطات الترابية بكل الثقل المطلوب للسهر على احترام الإرشادات الصحية المتعلقة بالأماكن والمنشآت المغلقة: مقاهٍ، مطاعم، مساجد، محلات تجارية، معامل، وسائل النقل”.

ويقترحُ الباحث ذاته نصبَ “خيامٍ” بالأحياء للكشف بالمناطق المصابة، وعزل المصابين بمنازلهم، مع ضرورة إشراكِ المجتمع المدني في الشارع العام بلباس موحّد بدعم من المبادرة الوطنية، للتحسيس والتوعية بضرورة احترام والتقيد بالإجراءات الاحترازية”.

واعتبر حمضي أنّ “الفيروس عدوّ غير مرئي، وفي المناطق التي لا تقع فيها انتكاسات أو وفيات الناس، تنسى أننا ما زلنا في حرب مع الوباء”، مبرزاً أنه “مجرد وجود هؤلاء الشباب والشابات بزي موحّد في الشوارع سيذكر الناس بضرورة محاربة الوباء، بالإضافة طبعا للدور التوعوي لهؤلاء المتطوعين”.

ومن بين التّحديات التي نواجهها حالياً وفقاً لتصريحات الطّبيب المغربي كون أنّ “الإصابات تهم اليوم الشباب أكثر وأكثر: تحرك الشباب الكثير ونقله للفيروس إلى الفئات الهشة، عدم احترامه للإجراءات الحاجزية بسبب الاطمئنان الخاطئ لعدم الإصابة أو انعدام الخطورة”.

ودعا حمضي في حديثه إلى “تسهيل السلوك التلقائي للمواطنين قصد ضبط المخالطين والعرض التلقائي لهؤلاء لأنفسهم على الكشف بسرعة في المناطق التي تتكاثر بها الحالات وعدم الاقتصار على المستشفيات لإجراء التحاليل، بل نصب خيام طبية داخل مراكز أهم الإحياء لإجراء الكشف على المخالطين مباشرة داخل الأحياء”.

كما يدعو الباحث إلى ضرورة “عزل المصابين داخل منازلهم عوض المستشفيات بسبب تكاثر الحالات؛ وذلك من أجل تخفيف الضغط على المستشفيات والأطقم الصحية، وإراحتها لمواجهة الآتي من الأيام”.

وطالب حمضي بدمج الأطباء العامين بالقطاع الخاص وكذا القطاع العام في منظومة الكشف المبكر، مشدّدا على أنّه “بدون هذا الدمج ستبقى المنظومة معطوبة والنتائج محدودة مهما فعلنا”.

hespress.com