تسعى الدولة إلى تقنين زراعة “الكيف” في شمال المغرب، بعد سنوات من “التّسيب” الذي فتح الطّريق أمام بارونات المخدرات وشبكات التهريب الدولية للاستفادة من عائدات “القنّب الهندي” في الرّيف، خاصة على مستوى السّوق الأوروبية، بينما تؤكد السّلطات أنها ستعمل على تطوير الزراعات المشروعة للقنب الهندي، مع تحسين دخل المزارعين وحمايتهم من شبكات التهريب الدولي للمخدرات، والحد من الانعكاسات السلبية التي يفرزها انتشار الزراعات غير المشروعة.
وتستعدّ الدولة لفتح الطّريق أمام تقنين زراعة “الكيف” في “منطقة الشّمال”، بعد مصادقة الحكومة على مشروع القانون الذي سيحدد الاستعمالات المشروعة للنبتة في الاستعمال الطبي، بينما يطالب نشطاء مغاربة بالعفو الشّامل عن مزارعي “الكيف”، وحصر المناطق المعنية بالقانون الجديد، مع المساهمة في الحد من الفوارق الاجتماعية بفضل تقنين هذه النبتة.
وتمّ حصر مناطق زراعة “الكيف” في خمسة أقاليم أساسية، وهي “وزان، وتاونات، وشفشاون، والحسيمة وتطوان”، بينما تطالب بعض الأقاليم المنتمية ترابيا إلى منطقة “الشّمال” بضمّها هي الأخرى ضمن الإستراتيجية الوطنية لزراعة “الكيف”، وهو الأمر الذي يرفضه نشطاء في منطقة الرّيف، لاعتبارات تاريخية واجتماعية.
شريف أدرداك، النّاشط المدني في منطقة صنهاجة بالرّيف، أكد أن “الكيف وموارده المهمة لم يحد من هجرة الشباب إلى الحواضر الكبرى، فما بالك بالقنب الهندي الصناعي والطبي الذي لا يمكن أن يكون مصدرا مربحا إلا للفلاحين الذين يملكون أراضي تفوق مساحتها مائة هكتار، عكس مزارعي المنطقة الذين لا تتعدى مساحة أراضيهم في أحسن الأحوال هكتارين أو ثلاثة”.
وشدّد الناشط ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، على أن “الشباب المتواجد في المنطقة عاطل، لا يمارس سوى الأنشطة المرتبطة بزراعة ‘الكيف’، من حرث وزرع وسقي وتنقية وحصاد ونقل وتخزين وتحويل وبيع؛ فحياته كلها رهينة بسلسلة إنتاج الكيف”، مبرزا أنه “في حالة منع زراعة ‘الكيف’ واستبداله بالقنب الهندي الصناعي والطبي فإن وضعية الشباب ستتأزّم، لأن القنب الجديد يتطلب يدا عاملة مؤهلة تقنيا”.
واعتبر المتحدث ذاته أن “وحدات التحويل لا يمكنها الاستقرار بالمنطقة حاليا، لأن رأس المال جبان والمنطقة غير مؤهلة لوجيستيكيا وبنيويا لاستقبال الاستثمارات، إضافة إلى كونها بعيدة جدا عن الحواضر الكبرى”، مبرزا أنّه “منذ ثلاث سنوات والمنطقة تعرف ركودا اقتصاديا بسبب عدم تصريف المنتج لعدة أسباب، منها المنافسة الدولية”.
وقال الناشط المحلي إن “الحشيش” المنتج حاليا بالمنطقة مستخرج من القنب الهندي المعدل جينيا، المستورد من أوروبا بطريقة غير شرعية، وهو ما يجعله متوفرا بكثرة في أوروبا التي كانت تعتبر السوق الاستهلاكية الأولى لـ”الكيف” المغربي الأصيل سابقا، مبرزا أن “الدولة أقدمت في السنوات الأخيرة على إلقاء القبض على بارونات مخدرات وحجز كميات كبيرة من ‘الحشيش’ وهو ما جعل المزارعين يعانون الأمرين”.
وأورد الناشط ذاته أن “المزارعين يضطرون في غالب الأحيان لبيع منتجهم بالدَّيْن، وينتظرون تصريفه من طرف البارونات حتى يحصلوا على أرباحهم”، موردا أن “ثمن الحشيش المستخرج من النبتة المعدلة جينيا يصل إلى 1500 درهم للكيلوغرام، أما ‘البلدية’ فتصل إلى 5000 درهم للكيلوغرام، لكن الطلب عليهما ضعيف جدا، ما جعل المنطقة تعيش في ركود اقتصادي لم تشهده منذ الستينيات”.