بعدما بينت التجربة وجود عوائق تُبطئ تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لفائدة الدولة وأشخاص القانون العام، تنظم مؤسسة وسيط المملكة، بتعاون وشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة والإدارة العامة للجمارك والضرائب غير المباشرة، اليوم الأربعاء وغدا الخميس، لقاء يناقش موضوع الموازنة بين الحقوق والواجبات في استيفاء الدين العمومي.
وشدد المسؤولون القضائيون المشاركون في اللقاء على ضرورة تنفيذ الأحكام القضائية، إذ اعتبر محمد عبد النباوي، الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن الأحكام القضائية التي لا تعرف طريقها إلى التنفيذ “هي دافع من دوافع إحباط الهمم وفقدان الثقة في جدوى المساطر القضائية التي تفضي إلى حق لا نفاذ له”.
وأكد عبد النباوي أن تنفيذ الأحكام القضائية هو الوجه الحقيقي للعدالة، والضمانة الحقيقية للمتقاضي، كيفما كانت صفته، في ولوج مرفق العدالة، مشددا على أن الأحكام القضائية التي لا تجد طريقها إلى التنفيذ تمثل مظهرا من مظاهر قصور النجاعة القضائية، “وهو ما لا يمكن القبول به في ظل دولة القانون والمؤسسات”، على حد تعبيره.
واعتبر الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أن الأهمية البالغة والراهنية التي يكتسيها موضوع تنفيذ الأحكام الصادرة لفائدة الدولة وأشخاص القانون العام تزداد في ظل المرحلة الراهنة، التي تتميز بإرساء دعائم استقلال السلطة القضائية بالمغرب، بما يضمن حفظ حق الجميع، أفرادا وجماعات ومؤسسات عامة أو خاصة، في الاحتماء بقضاء مستقل ومنصف وفعال وضامن للحقوق والحريات.
عبد النباوي أكد أن الدولة يحق لها المطالبة بتنفيذ الأحكام التي يصدرها القضاء لفائدتها، لافتا إلى أن الواقع المعاش، ورغم الاجتهادات القضائية المبذولة، “يؤكد وجود عجز كبير في تنفيذ الأحكام الصادرة لفائدة الدولة، وربما بنسبة تفوق بكثير العجز المسجل في تنفيذ باقي الأحكام”، مضيفا أن هذا الواقع “يسائلنا في هذه الندوة، لأن الدولة نفسها مسؤولة عن تنفيذ الأحكام؛ ولا يعقل أن تعجز مؤسساتها عن التنفيذ”.
من جهته قال مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، إن رئاسة النيابة العامة وجهت مجموعة من الدوريات إلى النيابات العامة من أجل تفعيل إجراءات الحجز والمصادرة وتصفية المحجوزات وإتلاف ما يوجب القانون إتلافه ومصادرة ما تحكم المحاكم بمصادرته لفائدة الدولة، فضلا عن مراعاة حقوق الغير وحسن النية، خاصة عندما يتعلق الأمر بوسائل النقل.
ورغم أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة يحثان على تسريع إجراءات تنفيذ الأحكام الصادرة لفائدة الدولة، فإنّ الداكي أكد أن جميع الجهات تظل متساوية أمام القانون بقوله: “مما لا شك فيه أن أشخاص القانون العام عندما تتقاضى سواء أمام المحاكم العادية أو المحاكم المختصة فهي تكون على نفس الدرجة، وليس لها أي امتياز أو أفضلية أمام القضاء، وهذا من حسنات قضائنا الشامخ المستقل، وبذلك فإن الأحكام الصادرة لفائدة الدولة هي بدورها صادرة باسم جلالة الملك وطبقا للقانون”.
وأكد المسؤول ذاته أن النيابة العامة تبقى من الأعضاء الفاعلين في اللجان الجهوية المشكلة على مستوى الدوائر الاستئنافية لتنفيذ الأحكام الصادرة لفائدة الدولة، من خلال إعداد قوائم القرارات القضائية القابلة للتنفيذ وتتبع عملية تنفيذها، وتقاسم الصعوبات والإشكالات التي تواجهها بهذا الشأن مع باقي المؤسسات والهيئات المعنية بهذا الموضوع.