
الاثنين 19 أكتوبر 2020 – 09:00
ما زال “جُرْح” سنوات الجمر والرصاص مفتوحاً في “مغرب اليوم”، رغم الجهود الحثيثة التي قامت بها هيئة الإنصاف والمصالحة من أجل طيّ ملفات المسجونين في زنازين المعتقلات السرية، حيث توجد بعض الحالات المتضرّرة التي تطالب المجلس الوطني لحقوق الإنسان بمتابعة تنفيذ توصيات الهيئة في ما يخص قضاياها.
وتُصنّف قضية “أحمد شقور” ضمن تلك “الملفات العالقة”، وهو الذي عُذّب في معتقل “دار بريشة”، في سياق الصراع المحتدم بين حزبيْ الاستقلال والشورى والاستقلال حينذاك، حيث مات على أيدي خاطفيه بعد تعذيبه، ثم دُفن في حفرة صغيرة بجانب السجن السري، ما جعل الأسرة تطالب برفاته منذ سنوات عدة.
وفي هذا الإطار، يحكي ابنه القاطن بمدينة مراكش عبد الرحمان شقور عن حيثيات الملّف قائلا: “قدّمت العائلة ملف والدنا إلى هيئة الإنصاف والمصالحة سنة 2005، التي وعدت بالبحث عن رفاته داخل الحفرة التي دُفن بها برفقة الأستاذ عبد السلام الطود وضحايا آخرين، بعدما جرى نقلهم إلى السجن السري بغفساي في ضواحي فاس”.
وأضاف ابن المختطف، الذي كان يُلقّب بـ”الخمسي” في أوساط أعضاء حزب الشورى والاستقلال، أن “اللجنة سلّمت رفات عبد السلام الطود لعائلته، فأقاموا عليه مأتماً، لكن ظل ثلاثة ضحايا في الحفرة، ضمنهم رفات والدي”، مورداً أن “الهيئة وعدتنا باستدعاء أحد أفراد الأسرة لأخذ عينة من الحمض النووي قصد تسهيل مهمة البحث عن الرفات”.
لكن الوعود تبخرت وبقي الألم، وفق المتحدث لهسبريس الذي لفت إلى أنه اضطر إلى اعتراض سيارة رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان عام 2013 إدريس اليزمي، والتواصل معه، موردا أن الأخير طالب اللجنة بالنظر في ملف الأسرة، ثم حضر أفرادها إلى الجلسة الأولى المخصصة لدراسة تفاصيل القضية.
وأوضح عبد الرحمان أن أفراد الأسرة توصلوا بحصة مالية من لدن اللجنة المكلفة بدراسة الملفات، لكنه توقف عند ذلك شارحا: “نريد الآن تسليم رفات والدنا الشهيد، وهو المطلب المعنوي الذي لا يمكن تعويضه بأي شيء، فضلا عن استعادة أُطيل مصر، وتوفير بعض المساعدات لنا بسبب الضائقة المالية التي نمرّ منها”.
وبخصوص “أطيل مصر”، فقد تطرق المهدي المومني التجكاني، في كتابه المعنون بـ “دار بريشة أو قصة مختطف”، إلى تفاصيله، مبرزاً أن صاحبه كان جنديا إسبانيا يعمل في فرقة “المخازنية” المسلحة، وكان من بين الذين توجهوا إلى ميناء بورسعيد المصري في باخرة الحجاج الإسبانية التي كانت توضع تحت تصرف حجاج المنطقة.
ولفت الكتاب عينه إلى أن الجندي توجه إلى الميناء بصفته العسكرية (من حراس الباخرة)، لكن وطنيته المغربية دفعته إلى أن يلقي سلاحه، وينزح إلى التراب المصري كلاجئ سياسي بدوره، فظل هناك إلى أن تاقت نفسه للرجوع إلى طنجة، وبها فتح نزلا صغيراً، كان يدعى “أطيل مصر”، حيث كان مختفياً تحت هذا الاسم حتى لا تكتشف أمره السلطات الإسبانية.
وأشار الكتاب إلى أن دوافع اختطافه ترجع إلى أن الفندق كان يستضيف أعضاء حزب الشورى والاستقلال اللاجئين إلى مدينة طنجة الدولية من المنطقة الشمالية المُجاورة، أمثال إبراهيم الوزاني، وهو أحد الضحايا الرئيسيين مع رفيقه عبد السلام الطود.