قال الباحث والناشط الحقوقي أحمد عصيد إن تمثل المغاربة لحرية الضمير والمعتقد يتأسس على مبدأ أن “الإنسان مؤمن بالفطرة، لذلك يعتبرون غير المؤمنين أو كل من غيّر دينه خارج الطبيعة الإنسانية”، معتبرا أن هذا التمثل “خاطئ لأن الدين يدخل ضمن المجال الذي يعود فيه الاختيار الحرّ للإنسان”.

واعتبر عصيد في محاضرة بثها منتدى الحداثة والديمقراطية، مساء الخميس، أن هذا التمثل السائد في المجتمع تكرّسه الدولة من خلال المنظومة التربوية، ذاهبا إلى القول إن المدرسة المغربية “تعمل على صناعة المسلمين بالقوة (بزّز)، وبالعنف والترهيب والتخويف، عبر ما يتمّ تدريسه في المادة الدينية”، على حد تعبيره.

وأضاف رئيس المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات أن “المادة الدينية هي المؤطر للنظام التربوي، بقرار من السلطة التي زرعت منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي كمية كبيرة من التدين داخل النظام التربوي من أجل مواجهة اليسار الراديكالي والإصلاحي، والثورة الخمينية الشيعية في إيران”.

عصيد عبّر عن رفضه أن يُختزل مفهوم حرية الضمير والمعتقد لدى النخب والأوساط المنفتحة من الجمهور في “أن يكون لك الحق في هذا الدين أو ذاك دون تصوُّر أن يعيش الإنسان خارج نطاق الدين”، وزاد موضحا: “حرية المعتقد والضمير تعني أيضا ألّا تكون لك عقيدة، أو أن تَعتبر الديانات الموجودة غير صحيحة أو فيها أخطاء”.

ودافع الناشط الحقوقي المثير للجدل عن “حق كل مواطن في أن يعتنق الدين أو أن يكون لا دينيا”، مبرزا أن “ما رسّخ فكرة وجوب أن يكون الإنسان متدينا في وعي المجتمع المغربي هو الفكر الفقهي الإسلامي انطلاقا من مفهوم الفطرة التي يولد عليها الإنسان”.

وأضاف عصيد أن الدولة سايرت هذا النهج “وتَعتبر أن كل مواطن مسلم منذ الولادة، واعتمدت هذا المبدأ في كل قوانينها، الذي لا يعترف للمواطن بأن يختار الدين الذي يريد”، معتبرا أن القانون الجنائي “مناقض للدستور، الذي هو الوجه الذي تتعامل به الدولة مع الخارج، بينما القانون الجنائي هو الوجه الذي تتعامل به مع المغاربة في الداخل”.

كما قال المتحدث ذاته إن هناك خلطا بين منظور القرآن لحرية المعتقد وبين منظور المرجعية الدولية لحقوق الإنسان لهذا المفهوم، وزاد موضحا: “حرية المعتقد في المرجعية الدولية لحقوق الإنسان تعني أن من حق الإنسان أن يؤمن أو ألا يؤمن، بينما يعني هذا الفهوم وفق المنظور الإسلامي أنّ غير المؤمن شخص ضالّ، وهذا ما أدّى إلى المفاضلة بين المؤمنين وغير المؤمنين”.

وذهب عصيد إلى القول إن أحكام أهل الذمة، التي كانت تؤطر علاقة المسلمين باليهود والنصارى، “أحكام عنصرية لأنها تضع غير المسلمين في الدرجة الثانية، وهذا مخالف لمنظومة حقوق الإنسان التي تعتبر المؤمن وغير المؤمن متساويين في الحقوق والواجبات، وأن المعتقد اختيار حر”.

hespress.com