خرج المغرب بحذر من الحجر الصحي، ويستعدّ للعودة إليه، وسط مخاوف من موجة ثانية من فيروس “كورونا”، بعد تشديد الرقابة على أغلب المدن، بفعل ارتفاع “عداد كورونا” في الأسابيع الأخيرة.

ومع التداعيات الجمّة التي ترتبت عن سياسة الإغلاق العام، أعادت الفواعل الدولية فتح اقتصادياتها، مستعينة بـ “المناعة الجماعية” من أجل التصدي للفيروس التاجي، مما جعل بلدان عديدة تتفادى “الحجر الشامل” خلال الأشهر الماضية.

وقد اختارت الرباط العودة إلى تشديد إجراءات الحجر الصحي، بالتزامن مع مناسبة عيد الأضحى، التي شهدت ارتفاعاً غير مسبوق لحالات الإصابة بفيروس “كوفيد-19″، نتيجة الهجرة الجماعية للعمال إلى موطن النشأة.

وأصبحت بعض البلدان تتفادى الإغلاق الكامل لمواجهة “كورونا”، مكتفية بالتخفيف الحذر، مما جعل كثيرين يتساءلون عن النموذج الأمثل الذي ينبغي تطبيقه في المملكة، لاسيما أن الموجة الثانية من الفيروس على الأبواب.

وفي هذا الصدد، قال مصطفى كرين، طبيب ورئيس المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية، إن “العودة للإغلاق يكاد يكون انتحارياً من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية؛ ومن ثمة من الناحيتين السياسية والأمنية”، مبرزا أنه “لا يمكن التنبؤ بأمد استمرار الوباء”. وتساءل قائلا: “إلى متى سنغلق؟ وكم سنغلق؟”.

وأضاف كرين، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “لا يمكن التكهن بمدة الإغلاق، مما سيدخلنا في حالة من اللايقين، حيث نتحدث عن الإغلاق بما يفرضه من أثر على مجموعة من البنيات الاقتصادية، الأمر الذي تترتب عنه تكاليف اجتماعية واقتصادية”.

وأوضح الفاعل عينه أن “حالة اللايقين يتعذر معها إطلاقا على المستوى الاقتصادي التفكير في أي شكل من أشكال الاستثمار، مما يعني أن الصندوق الاستثماري الذي أعلن عنه الملك سيدخل في مأزق، لأن الصندوق الاستثماري يتطلب إيجاد ظرفية اقتصادية مواتية للاستثمار، وهو ما لن يتأتى مع اللايقين”.

وأضاف محدّثنا “نتعامل مع أزمة ستطول في أغلب الظن، لأن الجائحة ستأخذ مدة من الوقت، مع إمكانية حدوث طفرات أو موجة ثانية وثالثة من الفيروس أو قد يظهر وباء جديد مع فصل الخريف”. واستطرد قائلا: “لحد الآن، الفريق المكلف بتدبير الجائحة يفتقر إلى الرؤية الاستراتيجية طويلة الأمد بإجماع الحساسيات الوطنية”.

وأشار كرين إلى أن “الحكومة تخلط بين التدبير الاستعجالي والتدبير المؤقت”، مضيفا أنها “تقوم بالتدبير المؤقت حالياً، حيث لم يتم تشييد أي مستشفيات أو معاهد أو تأهيل الأطر الصحية أو تحفيزها؛ وهي العناصر التي تشكل ترسانة الإجراءات التي من شأنها مساعدة الحكومة على المديين المتوسط والبعيد”.

وأضاف كرين “لا بد للحكومة من الخروج من التدبير المؤقت، من خلال تعيين لجنة ملكية متخصصة في تدبير معالجة الجائحة، وسحب الملف من الحكومة، لأنها تعيش على هواجس الانتخابات المقبلة؛ ومن ثمة هي غير متفرغة للأزمة”.

وخلص رئيس المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية إلى أن اللجنة المذكورة ينبغي أن “تكون بعضوية وزيري الصحة والداخلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأطر بالبلد، حيث ستُشكل النواة المستقبلية لإخراج المجلس الأعلى للصحة إلى حيز الوجود”.

hespress.com