عادت مآسي الهجرة السرية لتطفو إلى السطح بقوة خلال الآونة الأخيرة، آخرها غرق اثني عشر شابا يتحدرون من مدينة آسفي غرقا أثناء محاولتهم العبور نحو الضفة الأخرى للمتوسط، لينضموا إلى قائمة ضحايا قوارب الموت.

اللافت للانتباه في استمرار مآسي الهجرة السرية، هو استمرار الشباب المغاربة في المغامرة بأرواحهم، رغم الأزمة المخيمة على العالم بسبب جائحة فيروس كورونا؛ فهل تعكس هذه المغامرة فشل السياسات الاجتماعية الموجهة إلى الشباب؟

هذه الفرضية مطروحة بقوة بحسب هشام معروف، الباحث في السياسات الاجتماعية، الذي أوضح أن ما يدفع الشباب إلى المغامرة بحياتهم أملا في مستقبل أفضل، هو البحث عن فرصة داخل بلدهم الأصلي لكنهم لا يجدونها.

واستحضر معروف، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، التعليمات التي وجهها الملك إلى الحكومة وإلى المؤسسات لجعل الشباب محور التنمية عبر دعمهم لإنشاء مقاولاتهم الخاصة، لكنّ السياسات الاجتماعية الموجهة إلى الشباب، يردف المتحدث، “لا تواكب توجيهات الملك وتحتاج إلى مراجعة”.

وأشار في هذا الإطار إلى أن مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أطلقت سنة 2005، “أصبحت تنحرف عن إطارها الأصلي، الذي هو مساعدة الفئات المستهدفة على إنشاء مشاريع مدرّة للدخل، وتتجه نحو دعم بناء المؤسسات وتعبيد الطرق وغيرها من المشاريع التي هي من مهامّ مؤسسات أخرى”.

وتصل نسبة البطالة في صفوف الشباب المغاربة البالغين من العمر ما بين 15 و24 سنة إلى حوالي 25 في المئة، أي بزيادةِ ضعف ونصف تقريبا عن النسبة العامة للبطالة في البلاد؛ ويعاني حاملو الشهادات من البطالة بنسبة أكبر، بحسب معطيات المندوبية السامية للتخطيط.

ويرى هشام معروف أن ثنْي الشباب عن المغامرة بأرواحهم في سبيل بلوغ “الفردوس الأوروبي”، كما يحلم بذلك المهاجرون السريون عبر قوارب الموت، يقتضي إرجاع الثقة إليهم في السياسات الاجتماعية الموجهة إليهم، وإضفاء الحكامة على هذه السياسات من أجل أن تؤتي ثمارها.

ونبه الخبير في السياسات الاجتماعية إلى أن استمرار فقدان الثقة في أوساط الشباب العاطلين عن العمل، خاصة الفئة ذات المستوى التعليمي المحدود، يجعلهم عُرضة ليس فقط للهلاك في عرض البحر، بل أيضا عُرضة للاستقطاب من طرف الجماعات الإرهابية، أو من طرف تجار المخدرات، أو مافيات الدعارة بالنسبة للإناث.

وفي تقديره، يرى هشام معروف أن من بين أسباب فشل السياسات الاجتماعية الموجهة إلى الشباب، “الارتجالية، وغياب استراتيجية واضحة في التشغيل والإدماج”، مضيفا أن “الشباب يبحثون فقط في بلدهم عن فرصة، لكنهم لا يجدونها، وينبغي أن تتوفّر هذه الفرصة للحد من نزيف الشباب الذين هم عماد التنمية المستدامة في أي بلد”.

hespress.com