أثارت فاجعة طنجة الكثير من التساؤلات القانونية حول وضعية عدد من المقاولات التي تشتغل بشكل سري.

ونادى جمعويون محليون بضرورة إحداث برنامج مستعجل من طرف الجهات المختصة من أجل التدخل لتأهيل هذه المقاولات.

في مقال لها بعنوان: “دور التصريح الإجباري بخلق المقاولة لدى السلطة الإدارية المكلفة بتفتيش الشغل في محاربة المقاولات السرية”، تتناول الدكتورة حنان الديلال، أستاذة باحثة في جامعة محمد الخامس، هذا الموضوع بكثير من التوضيح والتفصيل.

وهذا نص المقال:

على إثر الفيضانات التي عرفتها مدينة طنجة، تتبادر إلى أذهاننا مسألة تدبير الأخطار، سواء على المستوى الوطني أو المحلي. ما عرفته المدينة ليس جديدا وليس غريبا عن سكانها، لأن مستوى مدينة طنجة منخفض على مستوى البحر، وبالتالي فمن الصعب جدا تسريب مياه الأمطار إلى البحر، من هنا يمكننا القول إن مشكلة الفيضانات في مدينة طنجة هيكلية، لذا وجب وضع خطط استراتيجية من أجل التدخل أثناء وقوعها وكذلك من أجل تفاديها.

ما أثار انتباهي في جميع المقالات التي كتبت في الموضوع كلمة: “ورشة سرية للخياطة”، ترى ما هي الأسباب التي تسمح بظهور مثل هذه الورشات؟ فهذا الموضوع له أسباب ونتائج متعددة.

إن السلطة الحكومية المكلفة بالسهر على حفظ الصحة والسلامة في أماكن العمل هي وزارة الشغل والإدماج المهني، فمهمة المراقبة موكولة لمفتشي الشغل التابعين من أجل السهر على تطبيق المقتضيات القانونية الجاري بها العمل، ولكن بطريقة انتقائية، بحيث كل مفتش ملزم بالقيام شهريا بعدد معين من تلك الزيارات فقط، وفي إطار برنامج وطني يجب الالتزام بمضامينه، وبالنظر إلى الخصاص الحاصل في عدد المفتشين، فإن تغطية جميع الوحدات التي تشغل أجراء تكاد شبه مستحيلة.

يتكون جهاز تفتيش الشغل من:

  • مفتشي الشغل في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات.
  • مفتشي القوانين الاجتماعية في الفلاحة.
  • الأطباء والمهندسين المكلفين بتفتيش الشغل (كل في نطاق اختصاصاته).
  • يعتبر مفتشو الشغل موظفين عموميين خاضعين لنظام خاص (مرسوم 02.08.69 بتاريخ 09 يوليوز 2008).

نعود إلى كلمة “سرية”، فقد نعتت بذلك لأن صاحب الورشة لم يقم بالتصريحات الواجبة لدى الضرائب، والضمان الاجتماعي، والتقييد في السجل التجاري، بينما التصريح لدى السلطة الإدارية المكلفة بتفتيش الشغل فهو غير إلزامي، فأغلب المؤسسات تشتغل دون إذن من هذه الأخيرة، نظرا للتساهل في هذا المجال.

كما تعلمون أنه طبقا للمادة مادة 135 من مدونة الشغل، يجب على كل شخص، طبيعيا كان أو اعتباريا، يخضع لمقتضيات هذا القانون، يريد فتح مقاولة أو مؤسسة أو ورش، يشغل فيه أجراء، أن يقدم تصريحا بذلك إلى العون المكلف بتفتيش الشغل، وفق الشروط والشكليات المحددة بنص تنظيمي.

من هنا وجب العمل على إلزامية التصريح لدى السلطة الإدارية المكلفة بتفتيش الشغل كباقي التصاريح المؤسسة لخلق المقاولة، والتي تدخل ضمن الإجراءات الإدارية من أجل خلق المقاولة.

بالفعل لقد تمكن المغرب من تحقيق تقدم ملحوظ على صعيد تدبير عملية الاستثمار، ولاسيما فيما يتعلق بتسهيل الإجراءات الإدارية المعمول بها على صعيد خلق المقاولات، مقارنة بالعديد من الدول التي لها اقتصاديات مشابهة، وذلك على إثر خلق إطار مؤسساتي (المراكز الجهوية للاستثمار) ككيان متخصص يعد المخاطب الوحيد في مجال الاستثمار بموجب الرسالة الملكية لسنة 2002 بخصوص التدبير اللامتمركز للاستثمار.

إذ أصبحت هذه المراكز تتوفر على شباك وحيد لخلق المقاولة يضع رهن إشارة صاحب المقاولة مطبوعا موحدا يعد بمثابة:

  • طلب التقييد في الضريبة المهنية.
  • التسجيل بالسجل التجاري.
  • والانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
  • الأمر الذي مكن من تقليص عدد الإجراءات المتبعة لخلق المقاولة، إذ في الوقت الذي كان يتعين فيه على صاحب المقاولة اتباع على الأقل خمسة إجراءات إدارية لخلق المقاولة في المغرب موزعة على خمس مصالح إدارية معنية بخلق المقاولة، أصبح بإمكانه حاليا التوجه لمخاطب وحيد (المركز الجهوي للاستثمار أو الملحقة التابعة له على الصعيد الإقليمي)، كما أن تكلفة خلق المقاولة بالمغرب أصبحت أقل من نظيرتها في العديد من الدول ذات الاقتصاديات المشابهة.
  • إذن يجب اتخاذ جميع الإجراءات الإدارية من أجل تفعيل هذا الإجراء وإعطائه صفة الإلزامية، وتنفيذ العقوبات المنصوص عليها في قانون الشغل.

hespress.com