افتتح مصطفى فارس، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الخميس، سلسلة اللقاءات التواصلية عن بعد، بعقد لقاء تكويني حول موضوع “الإشكالات المترتبة عن تداعيات فيروس كورونا على العلاقات الشغلية”، لفائدة القضاة المكلفين بقضايا منازعات الشغل، أطرته مليكة بنزاهير، رئيسة الغرفة الاجتماعية بمحكمة النقض، والمستشارون المزاولون بالغرفة نفسها.

وأوضح المجلس الأعلى للسلطة القضائية أن هذه المبادرة العلمية التكوينية تندرج في إطار مخطط المجلس الإستراتيجي الرامي إلى تكريس قيم الانفتاح والنجاعة والجودة، وضمان الأمن القضائي وحماية الحريات والتطبيق العادل للقانون.

وألقى مصطفى فارس، بهذه المناسبة، كلمة أعرب من خلالها عن “اعتزازه بافتتاح سلسلة هذه الندوات واللقاءات التكوينية التواصلية عن بعد التي اختير لتأطيرها قضاة أفذاذ راكموا سنوات طوال من التجربة والمهنية ومستنفذين الساعات الطوال من أجل ضبط مداخل صناعة القضاء والوصول إلى كنه القانون وروحه، ليتقاسموا مع نخبة من قضاة المملكة المختصين هذا الرصيد الهام من المعرفة والخبرة في إطار من النقاش الموضوعي الجاد والمسؤول”.

وأضاف الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية أن “هذا اللقاء يعبر عن قناعته الراسخة بأن جزءا كبيرا من مداخل إصلاح وتطوير وتجويد منظومة العدالة ترتكز على ورشي التكوين والتواصل، وخلق آليات لنقاش مهني عملي رصين”، موردا أنه تم وضع برنامج تكويني متكامل لفائدة القضاة برسم السنة المقبلة 2021، يتسم بتنوع محاوره وآلياته وتعدد تخصصاته ومواضيعه ووفق أولويات ذات راهنية، سيؤطره نخبة من القضاة والمتخصصين وفق منهج علمي متطور وفعال ومقاربة تشاركية حقيقية”.

واعتبر المسؤول القضائي، في كلمته، أن “خلق مثل هذه الجسور رغم كل الإكراهات والصعوبات يتجاوز أثرها الإيجابي المخرجات والحصيلة ذات البعد المعرفي المحض إلى أبعاد تواصلية مهنية إنسانية تكرس روح الفريق ووحدة الأسرة القضائية، وتمكن من بناء أرضية صلبة لجيل قضائي جديد متسلح بقوة العدل وروح القانون”.

وشدّد فارس على أن “الحالة الصحية الاستثنائية التي تسبب فيها وباء كورونا ألقت بظلالها على مختلف جوانب الحياة الإنسانية عبر العالم، وطالت تداعياتها السلبية العلاقات التعاقدية والاقتصادية والشغلية، مخلفة أوضاعا صعبة ومعقدة دفعت مختلف الدول إلى اتخاذ تدابير متعددة للحد من آثار هذه الجائحة وتجاوز هذه الأزمة بأقل الخسائر والأضرار، إلا أنه وبفضل الرؤية الإنسانية الحكيمة المستنيرة للملك محمد السادس استطاعت بلادنا تدبير هذه التداعيات رغم كل الإكراهات والصعوبات”.

وأبرز الرئيس المنتدب أن “السلطة القضائية في طليعة المؤسسات التي انخرطت بكل إيجابية ومواطنة في هذه الدينامية، من خلال عدد من التدابير ذات البعد الوقائي والعلاجي، مما مكن من استمرارية مرفق القضاء في أداء خدماته الأساسية الحيوية”، مستغلا هذه المناسبة لتوجيه عبارات الشكر والتنويه بالعمل الجاد والتضحيات الكبرى التي بذلها القضاة خلال هذه المرحلة معبرين عن حس عال من المسؤولية والوطنية.

ودعا مصطفى فارس إلى “مواصلة تدبير آثار هذا الوباء على المستوى الاقتصادي والتجاري والاجتماعي، من خلال مقاربة قضائية تستحضر كل هذه المعطيات، وتتعامل مع روح النصوص القانونية وتراعي كل التوازنات والحقوق، وتسعى إلى التطبيق العادل للقانون في ظل هذه الظرفية الاستثنائية، لأنه ورغم التدابير الاستباقية المتعددة والجهود الكبرى المبذولة، فإن هذه الجائحة خلفت عواقب اقتصادية وخيمة واختلالات مالية مهمة ستؤثر على معدلات النمو”، مضيفا أن “عددا مهما من الشركات والمقاولات تعيش أزمة مالية صعبة أثرت بشكل ملحوظ على سوق الشغل”.

وشدد الرئيس المنتدب على أن “السلطة القضائية ملزمة اليوم بضرورة الاجتهاد لإيجاد حلول تضمن حركية الاقتصاد والحفاظ في نفس الآن على مناصب الشغل وخلق التوازن والترابط بين نصوص القانون وملاءمتها مع البيئة الشغلية والواقع الاقتصادي والهيكلي للمقاولة ببلادنا، وذلك من خلال قراءة مقاصدية توازن بين استمرارية المقاولة وحماية حقوق الأجير باعتبارهما الركائز الأساسية للتنمية”.

hespress.com