الاثنين 21 شتنبر 2020 – 13:00
عجّت الوسائط الاجتماعية، طيلة الفترة الأخيرة، بنقاش حيّ يتجدد كل حين بمجرد وقوع جرائم الاغتصاب والتحرش الجنسي، حيث يتعلق الأمر بموضوع التربية الجنسية، الذي ما زال يصنّف ضمن “الطابوهات” في المجتمع المغربي، بالنظر إلى غياب مضامينها داخل الأسرة التي تعد النواة الأساسية للمجتمع، وكذلك في فضاءات التربية والتكوين، التي يفترض أن تلقّن التلاميذ الثقافة الجنسية.
وقد صُدِمت الأسر المغربية بواقعة طنجة، التي هزت الرأي العام الوطني بعد اغتصاب وقتل الطفل عدنان، بالنظر إلى تسليطها الضوء على متغير مجتمعي تشهده المملكة في الفترة الأخيرة، حيث لم يعد الحديث ينصبّ حول التحرش الجنسي، الذي كان سائدا في بداية الألفية الثانية، بل أصبحت الفعاليات الوطنية بمختلف صنوفها تتطرق إلى الجريمة الجنسية.
وأجمعت الفعاليات الأكاديمية والطبية والفقهية، التي حلّت ضيفاً على جريدة هسبريس الإلكترونية خلال اللقاء الافتراضي الذي نُظّم مساء أمس الأحد بشأن كيفية تقبل الأسر المغربية للتربية الجنسية، على ضرورة إعداد دليل وطني تتداخل فيه كل المجالات البحثية على غرار الدلائل الغربية، وتراعى فيه الخصوصية المغربية، حتى يتم تحسيس الأسر والناشئة والأزواج بماهية هذا المصطلح المثير للجدل.
وفي هذا الصدد، قال سعيد بنيس، الباحث في علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس، إن “هناك انزلاقاً دلالياً يخص مصطلح التربية الجنسية، حيث نركز فقط على الجنس ونربطه بالإباحية، بينما ينبغي إقناع عامة الناس بأن التربية الجنسية تصنف في نفس مستوى التربية الإسلامية والتربية البدنية، لأنها تروم تصحيح وتصويب بعض المفاهيم الخاطئة حول السلوك الجنسي للطفل”.
وأضاف بنيس، في سياق ضبطه لماهية المصطلح محور النقاش، أن “التربية الجنسية تعتبر عنصرا من عناصر ما جاء في الخطاب الملكي حول المواطنة الإيجابية”. واستطرد قائلا: “يتم اعتمادها ضمن مواد التعليم الأساسي قصد تصويب المسار المجتمعي للطفل”، مشيرا إلى أن “مشروع النموذج التنموي الجديد عليه أن يأخذ الهوية الجنسية للجيل المستقبلي بعين الاعتبار”.
بدوره، حاول لحسن بن ابراهيم السكنفل، رئيس المجلس العلمي للصخيرات تمارة، إعطاء مفهوم دقيق لمصطلح التربية الجنسية وفق الجانب الإسلامي الشرعي، حيث أوضح أنها “تتعلق بالإنسان، أي التنمية البشرية، ولعل الجنس يندرج ضمن اهتمامات الإنسان، مما يستدعي إطلاع الأبناء على الحقائق كما هي”.
ولفت السكنفل، عبر مداخلته التي سلطت الضوء على واقع التربية الجنسية في الديانة الإسلامية، الانتباه إلى أن “التربية يقصد بها كل عملية اجتماعية تقوم بموجبها الأجيال الراشدة بنقل أعراقها وتعاليم دينها وتجاربها في الحياة إلى الأجيال التي لم تنضج بعد، حتى تصل بدورها إلى مرحلة النضج، ومن ثمة تستلم المشعل”.
وسارت أمل شباش، وهي طبيبة نفسية متخصصة في الإشكالات الجنسية، في المسار عينه، حيث تحدثت بإسهاب عن كيفية تحوّل التربية الجنسية إلى “طابو” في المجتمع المغربي، مشيرة إلى أن هذه التربية “ليست تحريضاً على الجنس، بل تهدف إلى وقاية الأبناء حتى يحافظوا على أجسادهم”. ونبهت إلى أن “السكوت هو أصل المشكلة، مما يتطلب فتح قنوات الحوار بين الأطراف”.
وأوضحت شباش، التي تفضل استخدام تعبير “تربية الحياة”، أن “العلاقة مقدسة بين الأزواج، ومن ثمّ يجب احترامها حتى نحترم أنفسنا أولا، ونحترم الآخرين ثانيا”، مؤكدة أن “الجنس طاقة غريزية كبيرة لدى الفرد، مما يستدعي إعطاءها مكانتها بدون زيادة أو نقصان، وهو ما من شأنه ضمان توازن الفرد”.