الاثنين 17 غشت 2020 – 14:00
تتوالى القرارات الفجائية المتخذة من طرف الحكومة والسلطات العمومية بشأن تدبير جائحة كورونا؛ فبعد قرار منع التنقل من وإلى ثماني مدن، الذي أثار ضجة وغضبا واسعين في صفوف المواطنين، بادرت السلطات، الأحد، إلى اتخاذ إجراء جديد يتمثل في إغلاق بعض الشواطئ، دون أن يكون هذا الإجراء مواكبا بإعلان مسبق.
وذهب عدد من المواطنين في تعليقاتهم على القرار الجديد إلى القول إنه يعكس “ارتجالية” القرارات التي تتخذها الدولة لمحاصرة جائحة كورونا، معدّدين الأخطاء المرتكبة، من قبيل عدم اتخاذ تدابير للحيلولة دون انتشار الفيروس بعد الرفع الجزئي للحجر الصحي، بينما يرى آخرون أن السلطات لا تتعامل بالصرامة نفسها التي تواجه بها المواطنين مع أرباب الوحدات الصناعية التي تحوّل كثير منها إلى بؤر لانتشار العدوى.
في هذا الإطار، قال الناشط الحقوقي خالد مصباح إن إقدام السلطات على إغلاق بعض المرافق، بهدف حماية صحة المواطنين، قد لا يطرح إشكالا من الناحية الحقوقية، طالما أن الغاية منه هي الحفاظ على الصحة العامة، لكنّه شدد على أن مقاربة تدبير جائحة كورونا يجب أن تكون شمولية، وألا تستثني الإجراءات المتخذة لمحاربة الجائحة أيّ طرف.
واعتبر مصباح، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن من بين الأسباب الرئيسية لانتشار فيروس كورونا بعد رفع الحجر الصحي جزئيا، عدم احترام أرباب الوحدات الصناعية والإنتاجية للإجراءات الاحترازية التي وضعتها السلطات العمومية، مثل توفير الكمامات والمواد المعقمة للعمال، واحترام التباعد بينهم داخل أماكن العمل، وغيرها، لافتا إلى أن المواطنين “هم الذين يتحمّلون وزْر هذا التهور”.
وأكد الفاعل الحقوقي أن “على الحكومة أن تعتمد مقاربة شمولية، وأن تتعامل بالصرامة نفسها مع الجميع، وأن تُلزم أرباب الشركات باحترام الإجراءات الاحترازية المتخذة”، وأضاف أن الادعاء بكون تشديد المراقبة على الشركات سيعمق أزمة الاقتصاد، “تبرير لا يستند إلى أساس، لأن الغاية من المراقبة هي التأكد من احترام تدابير الوقاية التي ليست تعجيزية”.
وفيما تستمر الحكومة والسلطات العمومية في اتخاذ قراراتها المتعلقة بالحد من انتشار جائحة كورونا بشكل مباغت، وبدون سابق إعلام، اعتبر مصباح أن “على الحكومة أن تتفادى الإجراءات الفجائية، لأنها تسبب ارتباكا للمواطنين، بل ذهبت ضحيتها أرواح وكانت لها تكلفة مادية عليهم، كما حصل بعد اتخاذ القرار المفاجئ بمنع التنقل بين المدن”.
من جهته، قال بلمعلم التوهامي، ناشط حقوقي، إن مسؤولية ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا في المغرب مشتركة بين الحكومة والمواطنين، “ولكن الحكومة تتحمل القسط الأكبر من المسؤولية”.
وجوابا على سؤال حول ما إذا كان منع المواطنين من بعض حقوقهم الفردية، كحرية التنقل نحو الشواطئ، بشكل مفاجئ وبدون إعلامهم مُسبقا، يشكل خرقا لحقوق الإنسان، قال بلمعلم في تصريح لهسبريس إن “الحقوق الفردية مضمونة بقوة المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب والقوانين الوطنية، ولكن لا ينبغي أن نغفل أن المواطن أيضا يتحمل المسؤولية في انشار الوباء، لعدم احترامه للتدابير الاحترازية للوقاية منه”.
وتابع المتحدث بأن الصعوبات التي يواجهها المغرب حاليا في محاصرة جائحة فيروس كورونا المستجد ما هي إلا نتيجة لعدد من القرارات الخاطئة التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة، وعدم اهتمامها بالجانب الاجتماعي، مشيرا في هذا الإطار إلى إغلاق عدد من المستشفيات العمومية، والمغادرة الطوعية التي أفرغت المستشفيات من أطرها الصحية، وهجرة الأطباء والممرضين إلى الخارج…
وأردف الفاعل الحقوقي ذاته أنّ الحكومة لم تستفد من أخطاء الماضي، ومن ذلك عدم إيلاء العناية اللازمة للأطر الصحية، مضيفا أن “الأطباء والممرضين يقومون بمجهودات جبارة، ويشتغلون بنكران ذات، وبذلوا جهودا أكبر خلال الفترة العصيبة الحالية، وهؤلاء يجب على الحكومة أن تجازيهم جزاء وافيا، وليس أن تأمرهم بالعمل ولزوم الصمت”.
وفي المقابل، انتقد بلمعلم تصرفات المواطنين واستهتار بعضهم بالتدابير التي وضعتها السلطات العمومية للوقاية من فيروس كورونا، قائلا: “لا أقول إن الحكومة لم تتحمل مسؤوليتها، فالأمن ونساء ورجال الصحة والسلطة يقومون بعملهم، ولكن المواطنين يساهمون في تفشي الجائحة، فمن حقهم أن يتمتعوا بحقوقهم كاملة، ومنها حق التنقل، ولكن في إطار احترام الإجراءات الاحترازية”.