إعلان في باريس وترقب في الرباط؛ هكذا مهدت عودة فرنسا إلى “الحجر الصحي” لسلسة تكهنات مغربية تنذر بسلك الخيار الأجنبي نفسه أمام تواتر البلدان المتضررة من “موجة ثالثة لفيروس كورونا”.
وتزيد مخاوف المغاربة لأسباب متفرقة، ضمنها بعض من النزوع النفسي، لاعتبار الحكومة تستمد قراراتها من فرنسا، لكن إلى حدود الساعة لم يحسم المغرب توجهه بالنظر إلى اختلاف الوضعيات الوبائية.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فرض الحجر الشامل في البلاد لمدة أربعة أسابيع، ابتداء من مساء السبت، بسبب تفشي السلالة المتحورة لكورونا. ومن بين الإجراءات، إغلاق الحضانات والمدارس لثلاثة أسابيع.
وخلف تقاطر أخبار الإغلاق وتمديده ليلا، مخاوف لدى المواطنين الذين يمنون النفس بقضاء شهر رمضان في ظروف اعتيادية، بالنظر إلى حساسيته الروحية لدى الشعوب ذات الأغلبية المسلمة.
مصطفى الطوسة، إعلامي ومحلل سياسي، اعتبر أن الوضعية الوبائية هي التي فرضت على الرئيس ايمانويل ماكرون خيار الحجر التام لمدة أربعة أسابيع، مؤكدا أن “الخطورة عكستها ظاهرة ارتفاع عدد الإصابات بسبب النسخة المتحورة البريطانية للفيروس”.
وأضاف الطوسة، في تصريح لجريدة هسبريس، أن السبب يعود إلى “الضغط الهائل الذي يمارس حاليا على الطاقة الاستيعابية لمنظومة الصحة الفرنسية”، مسجلا أن “هذا خيار نزل كالصاعقة على الرأي العام الفرنسي”.
ووفق المحلل المقيم بالعاصمة الفرنسية باريس، فالفرنسيون الذين كانوا ينتظرون مؤشرات ايجابية للخروج من عنق الزجاجة، “تقبلوا عن مضض هذا الإغلاق”.
وأشار المتحدث إلى أن الرئيس ماكرون بعث برسائل مطمئنة مفادها أن الحياة قد تعود طبيعيا في شهر ماي المقبل، موردا: “ماكرون يعول على الفوز بهذا الرهان مع تكثيف حملة التلقيح التي قد تطال غالبية الفرنسين في الأسابيع المقبلة”.
واعتبر الطوسة أن الرسالة الفرنسية من خطوة الحجر التام، “هي إذا أردنا أن نهيئ أجواء مواتية للصيف المقبل، ونستعد للخروج من الأزمة، يتوجب علينا اتخاذ قرارات حازمة لهزم الجائحة والحد من انتشارها”.
ويبقى التحدي الكبير الذي يواجه فرنسا هو “التوفيق بين الهاجس الصحي والضروريات الاقتصادية التي تفرض على الحكومة تقديم مساعدات غير مسبوقة للقطاعين الخاص والعام، لتجنب انهيار الاقتصاد الفرنسي”، يختم الطوسة.