هوَتْ جائحة فيروس كورونا برقْم معاملات عدد من مكاتب الوساطة في التأمين بشكل غير مسبوق خلال الشهرين الأخيرين، لتعمّق الهشاشة التي يعاني منها هذا القطاع منذ سنوات، في ظل منافسة شركات التأمين وإعادة التأمين للوسطاء، ما يقلّص هامش أرباحهم.

وحسب المعطيات التي كشفت عنها جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب، بناء على الشكايات التي توصلت بها، فإن المقاولات المشتغلة في هذا القطاع تضررت كثيرا، إذ سجّل رقم معاملاتها انهيارا قياسيا، بلغ 90 في المائة لدى بعض المكاتب.

ويعود تضرر مكاتب وسطاء التأمينات، بحسب يونس بنان، المسؤول عن التواصل بجمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب، إلى تمديد العمل بشهادات التأمين على السيارات المنتهية صلاحيتها بتاريخ 20 مارس، وتأجيل تجديدها إلى 30 أبريل، كإجراء للالتزام بالحجر الصحي.

وكان هذا القرار قد أثار رفض وسطاء ومستثمري التأمين، بعد أن وجّهت إليهم الجامعة المغربية لشركات التأمين أمرا بالامتناع عن منْح بوليصة التأمين على السيارات التي تمّ تمديد صلاحيتها بالنسبة إلى الزبائن الذين قرروا تغيير شركة التأمين الخاصة بهم، ولم يقوموا بتسديد المبلغ المترتّب عليهم خلال تلك الفترة لشركة التأمين التي كانوا يتعاملون معها قبل انتهاء مدة صلاحية البوليصة.

وقال يونس بنان، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إنّ إجراء تمديد مدة صلاحية التأمين على السيارات أضرّ بوسطاء التأمينات، حيث توقفت مداخيلهم خلال فترة التمديد التي زادت على شهر، على الرغم من استمرارهم في فتح مكاتبهم، ما رتّب عليهم مصاريف دونَ أن يتوفروا على موارد مالية لتسديدها.

وأردف المتحدث ذاته أن 25 في المائة من المقاولات العاملة في قطاع الوساطة والاستثمار في التأمينات توجد على حافة الإفلاس، بناء على المعطيات التي نشرتها هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، والتي تشير إلى أن 520 في المائة منها تعاني من الهشاشة.

ويواجه وسطاء ومستثمرو التأمينات مشكلا آخر يتمثل في عدم استفادة الأجراء الذين يعملون في مكاتبهم من الدعم الذي تقدمه الحكومة لفائدة الفئات المتضررة من جائحة كورونا جرّاء التوقف المؤقت عن العمل، على الرغم من التصريح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إذ لم يتوصّلوا بأي دعم إلى حد الآن، على الرغم من توقف نشاطهم.

وأوضح يونس بنان أن وسطاء ومستثمري التأمينات الذين قدموا شكايات إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بهذا الخصوص توصلوا بجواب مفاده أن ملفات الأجراء المصرّح بهم تدرسها لجنة اليقظة الاقتصادية، وستبتّ فيها الحكومة؛ لكنهم يعتبرون هذا الجواب غير مقنع، ما دام أن الأجراء المصرح بهم يندرجون ضمن الفئات التي خوّل لها القانون المنظم لدعم الفئات المتضررة من التوقف المؤقت عن العمل الاستفادة من الدعم.

عدم استفادة مأجوري قطاع الوساطة في التأمين من دعم التوقف المؤقت عن العمل، المصرّح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، كان موضوع سؤالين استعجاليين وجههما الفريق الاشتراكي بمجلس النواب إلى كل من وزير الشغل والإدماج المهني ووزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، حيث أكّد السؤال أن العديد من الأجراء لم يتوصلوا بالدعم، معتبرا أن مكاتب الوساطة في التأمين تُعدّ من أكثر القطاعات تضررا بالجائحة.

ويقول وسطاء التأمينات إن من حق الأجراء العاملين في هذا القطاع أن يستفيدوا من دعم صندوق تدبير جائحة كورونا، “لأن القانون المنظم لصرْف هذا الدعم واضح، حيث اشترط انخفاض رقم معاملات المقاولة بخمسين في المائة، ونحن لدينا مكاتب وساطة نزل رقم معاملاتها بأكثر من تسعين في المائة”، يقول يونس بنان.

وأضاف المتحدث ذاته: “هذه المقاولات تساهم بأقساط انخراط أجرائها لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي منذ سنوات طويلة، وقد كان على الصندوق أن يجعل من الأجراء العاملين في هذا القطاع ضمن الفئات الأولى المستفيدة”، مشيرا إلى أن عدم استفادتهم سبّب في مشاكل بينهم وبين المشغّلين.

hespress.com