الثلاثاء 18 غشت 2020 – 07:00
تحولات شتى تعرفها الإصابة بمرض “كوفيد 19” ببلادنا، ففي الوقت الذي كان في الوباء في بدايته يشكل خطرا أكثر على الأشخاص المسنين والمصابين بأمراض مزمنة بات اليوم يتربص أكثر فأكثر بفئة الشباب والذين باتوا من بين الأشخاص الأكثر وجودا بأقسام الإنعاش.
الطيب حمضي، طبيب وباحث في قضايا السياسات والنظم الصحية، قال إنه في بداية انتشار وباء “كورونا” بالمغرب كان معدل سن المصابين بالوباء فوق ستين سنة، إلا أنه منذ رفع الحجر الصحي انخفض هذا المعدل إلى 33 سنة وبات “الشباب أكثر فئة تتعرض للإصابة اليوم في المغرب”.
ويؤكد حمضي، ضمن حديثه مع هسبريس، أن أكثر الإصابات بـ”كوفيد 19″ بالمغرب يتم اليوم تسجيلها في صفوف الشباب، منبها إلى أن حالاتهم تعرف تعقيدا وتتطلب الإنعاش، قائلا: “مثلا في الدار البيضاء فقط وبمستشفى ابن رشد، تجاوزت نسبة الشباب في أقسام الإنعاش والذين تعتبر حالاتهم حرجة 20 في المائة، على الرغم من أنهم لا يحملون أي مرض مزمن آخر”.
وتابع الطبيب المختص قائلا: “منذ ظهور وباء “كورونا” كنا نقول إن المرض يؤثر بشكل كبير على المسنين ومن يعانون من أمراض مزمنة وهي حقيقة علمية وأثبتت إحصائيا إلا أنها ليست حقيقة ثابتة، إذ لاحظناها في بداية الوباء وليس بالضرورة أن تستمر طيلة فترة انتشاره”.
ويردف حمضي قائلا: “للأسف الشباب أحسوا اتجاه هذه الحقيقة كأنهم يملكون مناعة مطلقة ضد المرض وبأنه لن يصيبهم وحتى إن مرضوا فإنهم لن يصلوا إلى مرحلة إخضاعهم للإنعاش أو الوفاة”، مؤكدا أن الأمر يتعلق بـ”إحساس خاطئ بالأمان، بالإضافة لاعتقادات الناس أن فصل الصيف سيقضي على الوباء والاعتقاد أن رفع الحجر هو نهاية الوباء جعل الشباب الذي هو عادة كثير الحركة والتحرك والانتقال يتعرض لإصابات كثيرة”.
ويؤكد الطبيب والباحث في قضايا السياسات والنظم الصحية أن إصابات الشباب بـ”كورونا” لا تهم المغرب فقط بل مثلا في كندا ثلثي المصابين بـ”كورونا” هم الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 29 و30 سنة، و”الأخطر هو أن هذه الفئة تتطلب العلاج بالمستشفيات، وهو ما يعني تحول في الإصابات بالوباء”، يضيف المختص.
وأوضح حمضي أن الوباء دائما يعرف تحولات في بدايته ووسطه وأيضا عند نهاية انتشاره، قائلا: “فمثلا خلال 1918 وإبان أزمة الأنفلونزا الإسبانية والتي حصدت أرواح ما بين خمسين إلى ثمانين مليون إنسان بدأت هذه الأنفلونزا كأي أنفلونزا عادية تؤثر على الأطفال أقل من خمس سنوات والمسنين؛ لكن في موجتها الثانية التي حصدت أكبر عدد من الأرواح ازدادت بقوة نسبة الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 20 إلى 35 سنة”.
ويشدد المتحدث ذاته على ضرورة أن الشباب لا يجب أن يتمتعوا بإحساس باطمئنان واهٍ؛ فيمكنهم الإصابة بـ”كوفيد 19″، كما يمكن أن تكون إصاباتهم خطيرة جدا، قائلا: “ممكن مع تطور الوباء والموجة الثانية أن يكونوا هم الضحية الأولى للوباء”.
ويرى الطبيب الباحث أن للشباب دورا في حماية أنفسهم أولا وعائلاتهم، خاصة أنهم الأكثر تنقلا ويمكنهم نشر المرض في صفوف أفراد عائلاتهم، قائلا إن “لهم دورا مجتمعيا كبيرا جدا ودورا في حماية بلدهم لأنهم الأكثر عددا وتحركا”، ومنبها إلى أن هذه الحماية تتم فقط باحترام الإجراءات الاحترازية بداية بارتداء الكمامات والحفاظ على غسل اليدين باستمرار والتباعد الاجتماعي وتجنب الأماكن المزدحمة مع الحفاظ على تهوية المنازل وتجنب الاجتماعات.