دخلت نقابات صحية في مواجهة جديدة مع الحكومة بسبب عدم استجابتها لمطالب الشغيلة الصحية التي جرى تحديدها خلال الحوار الاجتماعي القطاعي مع الوزارة الوصية على القطاع، إذ يخوض الأطباء والممرضون وتقنيو الصحية وقفات احتجاجية متزامنة، اليوم الأربعاء، بدعوة من ثلاث نقابات.
الوقفات الاحتجاجية التي دعت إليها كل من النقابة الوطنية للصحة، والنقابة الوطنية للصحة العمومية، والجامعة الوطنية للصحة، تأتي من أجل الضغط على الحكومة لتلبية أربعة مطالب رئيسية؛ في مقدمتها الزيادة في قيمة التعويض عن الأخطار المهنية لكل الفئات “بشكل عادل وموحد ومتساو ومنصف”.
وتأتي الوقفات كذلك من أجل تعديل النظام الأساسي للأطباء بما يضمن عدالة أجرية مع إضافة درجتين، بالإضافة إلى حل نهائي لملف الممرضين المجازين من الدولة (تكوين سنتين)، من خلال ترقية استثنائية وأثر من سنة 2017، وحل ملف المساعدين الطبيين بمرسوم جديد يتضمن اسما جديدا وإضافة درجتين جديدتين.
واختارت النقابات الصحية الثلاث شعار “نعبر عن الغضب ونحارب المرض” للوقفات الاحتجاجية التي دعت إليها، معبّرة عن تذمرها مما وصفتها بـ”لا مبالاة رئيس الحكومة ووزير المالية وعبثهما بهموم وانتظارات مهنيي الصحة وتهربهما من تلبية مطالبهم العادلة ولو في حدها الأدنى”، كما انتقدت “غياب حزم وزير الصحة”.
واعتبرت الهيئات ذاتها أن عدم استجابة الحكومة لمطالب مهنيي الصحة الذين خاضوا أشكالا احتجاجية عديدة “يعني التنكر لمعاناتهم وتبخيس تضحياتهم، في وقت يدعوهم رئيس الحكومة إلى تضافر الجهود والمزيد من العطاء بالاستعداد لعملية التلقيح الشاملة والاستمرار في الإنجازات الإيجابية في محاربة الوباء”.
وتُعد الوقفات الاحتجاجية التي خاضها مهنيو الصحة اليوم الأربعاء، لمدة ساعتين، الأكبر من نوعها، إن على مستوى التكتل النقابي أو على مستوى التغطية، إذ بلغ عددها 92 وقفة متزامنة على امتداد التراب الوطني. كما أن هذه النقابات تمكنت لأول مرة من تغطية جميع مندوبيات وزارة الصحة، حسب إفادة الجهات المنظمة.
وفي تصريح لهسبريس، قال كريم بلمقدم، الكاتب العام الوطني للنقابة الوطنية للصحة العمومية، إن الوقفات الاحتجاجية “هي بداية برنامج نضالي بهدف إيصال الرسالة إلى الحكومة، ممثلة في رئيسها ووزيري المالية والصحة، للتعبير عن الغضب من المماطلة وعدم التعاطي بجدية مع الملف المطلبي للأطر الصحية بكل فئاتها”.
وأردف المتحدث ذاته بأن النقابات الصحية ظلت منخرطة منذ سنتين في اجتماعات دورية ولقاءات مسترسلة ومسؤولة في إطار الحوار الاجتماعي القطاعي، “لكن يظهر مع الوقت أن مطالبها لا تؤخذ بالجدية الكافية من طرف الحكومة”.
وتطالب النقابات الصحية الثلاث الحكومةَ بـ”مقاربة استثنائية مع أطقم صحية قامت بعمل استثنائي في ظرف استثنائي”، داعية إياها إلى الابتعاد عما سمتها “المقاربة التقنية التقليدية مع قطاع حيوي أضحى أولوية الأولويات بتأكيد من الجميع، إلا إذا كان ذلك مجرد كلام للاستهلاك من رئيس الحكومة”.
وفي هذا الإطار قال كريم بلمقدم إن خطاب الحكومة إزاء الأطر الصحية “يتسم بالازدواجية”، وزاد موضحا: “الحكومة تتحدث عن كون قطاع الصحة يعد من أولوياتها، لكنها لا تعمل على تجسيد هذا الشعار على أرض الواقع، إذ تمت المصادقة على قانون المالية دون أن يتضمن أي استجابة لمطالب الأطر الصحية، كما أن الميزانية المرصودة لقطاع الصحة تظل بعيدة كل البعد عن تحقيق الشعارات التي ترددها الحكومة”.
من جهة ثانية، أفاد مصدر من النقابات الداعية إلى احتجاج الأطر الصحية اليوم بأن الأخيرة، ورغم عدم استجابة الحكومة لمطالبها، لن تدخر جهدا في إنجاح حملة التلقيح ضد فيروس كورونا، مضيفا: “سنستمر في مواصلة الجهود الجبارة التي بذلناها منذ ما يناهز السنة، رغم المعاناة ورغم التعاطي السلبي للحكومة مع ملفنا المطلبي”.