نظم فريق البحث في القضايا النفسية والتربوية بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية التابعة لجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، بشراكة بين مختبر الإنسان والمجتمع والقيم والجمعية المغربية لعلم النفس، بمدرج الندوات، لقاء علميا واحتفائيا برائد علم النفس الاجتماعي بالمغرب مصطفى حدية، مع توقيع كتاب “علم النفس الاجتماعي في السياق المغربي، شهادات ومداخلات وأبحاث حول أعمال البروفسور المصطفى حدية”.
المصطفى حدية، أستاذ علم النفس بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال إن علم النفس الاجتماعي ظهر متأخرا مقارنة مع باقي التخصصات العلمية التي تنهل من المنهل نفسه، “هو حديث في الساحة العلمية، جديد بطريقة موضوعه، جديد بمنهجيته، بعلميته. إذا أخذنا علم الاجتماع وإذا أخذنا علم النفس، فإننا في علم النفس الاجتماعي بينهما”.
وأضاف أن “النقد الإبستيمولوجي الموجه لعلم النفس، هو أنه يتكلم عن الإنسان بصفة عامة أينما كان، انطلاقا من تناوله للفرد والبحث عن قوانين اشتغاله النفسية والعقلية والسلوكات. أما النقد الأبستيمولوجي الموجه لعلم الاجتماع، هو أنه يتكلم عن المجموعات وعن المجتمع وينسى الفرد الذي يعتبره رقما فقط داخل الجماعة”.
وشرح الأستاذ المصطفى حدية أن ذلك “يعني أننا أمام علمين وصلا إلى درجة انسد فيها الأفق في كيفية التعامل مع الإنسان وهو يعيش وضعا معينا داخل المجتمع؛ هكذا إذن ظهر علم النفس الاجتماعي كملتقى لهذين العلمين”.
وعن وضعية هذا التخصص في المغرب، قال حدية: “يجب أن نحصر الوضعية في أمرين؛ فمنذ بداية الثمانينات انشطر علم النفس الاجتماعي إلى شطرين كتخصص، شطر خاص بعلم النفس الاجتماعي التجريبي، والاتجاه الآخر هو علم النفس الاجتماعي التطبيقي؛ بحيث يختلف موضوع علم النفس الاجتماعي التطبيقي عن الموضوع في علم النفس الاجتماعي التجريبي، والنتيجة المتوصل إليها في علم النفس التجريبي هي عامة وتصلح لدراسة الإنسان كيفما كان وفي أي مجتمع”.
“أما نحن”، يتابع المتحدث، “فننطلق من شيء أساسي هو أن ما نحصل عليه من نتائج لا يمكن تعميمها على جميع الأفراد، لأنها محدودة من حيث الأفراد ومحدودة من حيث المتغيرات والنتيجة كذلك، ومضبوطة بالزمان والمكان. هنا تغيب التجربة لأن الأمر يتم بطريقة علمية وليس منهحية”.
“هذا هو علم النفس الذي نشتغل فيه، إشكاليتنا أنا والزملاء داخل المغرب هي أننا لا نرفض ما هو علمي تجريبي، بل أنه نظرا للخصوصيات، فإننا نحدد الموضوع، نحدد المشكل وعندما نحدد المشكل نطرح تساؤلات قد تكون على شكل فرضيات، ونحدد التقنيات التي نشتغل بها ونصل إلى نتائج لها ما عليها، نقول حسب الاتجاه الذي نشتغل عليه إنها محدودة بطريقة طرحي للموضوع وبطريقة تحديدي للمتغيرات وبطريقة تحديدي للمكان الذي تم فيه البحث”، يقول حدية.
واعتبر فوزي بوخريص، أستاذ باحث نائب العميد للشؤون البيداغوجية، أن هذا المنجز هو محاولة للاعتراف العلمي والأخلاقي لما قدمه الأستاذ المصطفى حدية في حقل علم النفس الاجتماعي باعتباره مؤسسا ورائدا من رواد هذا التخصص داخل الجامعة المغربية.
وعدد بوخريص ثلاث واجهات أساسية أسهمت في هذه الريادة، “الواجهة المعرفية الإبستيمولوجية، الواجهة التنظيمية المؤسساتية والواجهة المجتمعية”. ورأى أن “هذا الكتاب لا يمثل إلا القليل من المنجز العلمي الذي قدمه المصطفى حدية”، داعيا إلى تنقيح المؤَلف بأعمال أخرى والدخول في حوار أكاديمي معها للإلمام بكل الجوانب واستعراض أهم المحطات وواجهات الاشتغال والمساهمات التأسيسية لحدية في مجال علم النفس الاجتماعي.
يشار إلى أن هذا اللقاء العلمي، الذي أدارته عائشة الزياني، أستاذة علم النفس بجامعة ابن طفيل، عرف تقديم شهادات من طرف أساتذة باحثين من زملاء المصطفى حدية أو طلبته سابقا، منهم مصطفى شكدالي، أستاذ علم النفس الاجتماعي بالمعهد العالي الدولي للسياحة بطنجة منسق هذا المؤَلّف، أحمد البوعزاوي، أستاذ علم النفس بجامعة محمد الخامس بالرباط، ونبيل عبد الصمد، مدير مختبر الإنسان والمجتمع والقيم بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل.
شهادات هؤلاء الأساتذة أشادت بما قدمه مصطفى حدية للجامعة والمكتبة المغربية وعموم الباحثين في مجال علم النفس الاجتماعي خلال مسيرته العلمية والبحثية بجامعة محمد الخامس وخارجها، التي ناهزت أربعة عقود.