تمكنت ليلى بن سليمان، المعروفة بديناميتها وحركيتها، منذ تدرجت في سلك الوظيفة العمومية كأستاذة للتعليم الثانوي، من إعداد برامج ومشاريع تعنى بالمدرسة العمومية.

وقالت بن سليمان في حديث لهسبريس: “ولدت بمدينة مراكش، وقضيت مرحلة دراستي الابتدائية بها وبالرباط، أما تعليمي الإعدادي والثانوي فكان بثانوية ابن عباد بمقاطعة جليز، وقررت العيش هناك لأنني أحب بهجة الجنوب التي تنطق تاريخا”.

ليلى لا تكل من العمل والتنقل من أجل الانخراط في كل المشاريع التي تساهم في النهوض بالمدرسة العمومية، وتساعد على تجويد خدماتها، لأنها رافعة التنمية وفضاء يرسخ القيم النبيلة وثقافة الإبداع.

ولأجل هذه الغاية النبيلة، أسست ليلى بن سليمان جمعية أصدقاء المدرسة العمومية والمجتمع، التي تشغل رئيستها منذ سنة 2012، لإيمانها ووعيها بدور المجتمع المدني في النهوض بالمدرسة التي تستقبل أبناء الفئات الشعبية.

ولهذه الغاية تساهم الجمعية في جائزة “أستاذ السنة”، التي تنظمها الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين مراكش-آسفي، بشراكة مع مؤسسة الزهيد؛ وهي مبادرة تربوية ترمي إلى تثمين الكفاءات وتحفيز العطاء وتكريم نساء ورجال التعليم المبدعين.

وراكمت بن سليمان، الحاصلة على دبلوم الدراسات العليا من فرنسا، في ديداكتيك اللغة الفرنسية، خبرة مهنية غنية ومتنوعة، مسنودة بمسيرة مهنية ناجحة، تستثمرها في العمل الجمعوي المنظم، الذي بصم إيجابا المؤسسات التعليمية وأسر التلاميذ.

وتحظى هذه الفاعلة الجمعوية بإشادة واسعة بين أقرانها وداخل الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين المهني بجهة مراكش أسفي، ولدى المصالح المركزية بالوزارة الوصية، بفضل ما تقدمه من خدمات جليلة للمدرسة العمومية.

وباعتبارها من الوجوه الجمعوية البارزة بالمدينة الحمراء فإنها سعيدة ويغمرها الاعتزاز بالمدرسة العمومية، وأوردت في هذا الصدد: “أنا أصفق بحرارة لكل من يسعى إلى النهوض بها، ورد الاعتبار إليها”.

“لا أحبذ كثيرا الطرق المعبدة، ولا أستطيع المشاركة في عمل إلا إذا أحسست بقدرتي على المساهمة فيه ولو بالقليل”، تقول ليلى، التي تؤمن بأهمية المدرسة من أجل تحسين ظروف الترقي الاجتماعي والمعرفي، الأمر الذي يفسر عزيمتها التي لا تلين منذ سنة 2010.

“بداية اهتمامي بالعمل الجمعوي الرامي إلى خدمة المدرسة العمومية كان يوم أسس تلامذتي جمعية أصدقاء الثانوية التأهيلية صلاح الدين الأيوبي للمساهمة في الرقي بمؤسستهم، وكنت أنا عرابة الجمعية (la marraine). كانت التجربة جميلة ورائدة، أنجزنا فيها الكثير والجميل، والحديث عن ذلك قد يطول”، تردف المتحدثة في تصريحها لهسبريس.

وتشتغل الجمعية التي تترأسها ليلى بن سليمان على أربعة محاور، الأول يهم الجانب البيداغوجي، من خلال تكوينات وإصدارات، وإنتاج أدوات ديداكتيكية، وتقديم برامج لتنشيط الحياة المدرسية؛ ويخص الثاني الفضاء المدرسي، عبر المساهمة في تأهيل وتزيين الفضاءات المدرسية؛ وعلى مستوى التضامني، تتدخل بالدعم  النفسي ومصاحبة بعض الأسر من أجل محاربة الهدر المدرسي للأطفال الذين هم في أمس الحاجة إلى العناية.

وساهمت الجمعية ذاتها منذ تأسيسها، وبشراكة مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، بـ3 مشاريع رئيسية، شكل فيها كل برنامج جوابا لإشكالية مطروحة على الساحة التربوية والتعليمية.

ومن بين هذه البرامج مشروع “المدرسة زوينة نهار الحد”، وهو برنامج يهدف إلى النهوض بالحياة المدرسية، ويمكن المدرسة من الانفتاح على محيطها القريب والبعيد، وعلى كفاءات من مجالات مختلفة، تغني العرض التربوي وتساهم في فتح آفاقه.

وتمثل البرنامج الثاني في بستان المدرس، ومشروع وكتاب الذي انطلق منذ 2017، لتحفيز التلاميذ على تعلم اللغة الفرنسية، من خلال كراسة تم إصدارها بتعاون مع المجلس الدولي للغة الفرنسية. وفي الوقت نفسه يقوم التلاميذ بتطبيق المعارف المكتسبة من خلال إنجاز بستان داخل المؤسسة.

وساهمت جمعية أصدقاء المدرسة والمجتمع بمشروع الدعم المدرسي التضامني، وهو البرنامج الذي أعطيت انطلاقته في بداية الموسم الدراسي الحالي، بشراكة مع الأكاديمية، في مؤسستين ابتدائيتين عموميتين، كمرحلة أولية.

وعن هذا البرنامج تقول بن سليمان: “يعد بمثابة إجابة ممكنة عن إكراهات الجائحة التي عمقت الفجوة على مستوى التحصيل بين التلاميذ، إذ أضحى دور الأسرة ومستواها التعليمي عاملا أساسيا لضمان الاستمرارية البيداغوجية، ونطمح من خلاله إلى مصاحبة المتعلمين وتشجيعهم على التعلم الذاتي بتوفير أدوات تعليمية تساعدهم على ذلك”.

حين تتحدث ليلى بن سليمان عن المدرسة العمومية تتراءى لك سعيدة بكل مبادرة تغني الساحة التربوية وترقى بمدرستنا العمومية، “سواء أكانت ذاتية أم مؤسساتية، لأن المدرسة شأن الجميع؛ لذا ما فتئ ملك البلاد محمد السادس يوليها العناية”، تختم ليلى كلامها لهسبريس.

hespress.com