بعد مرور خمس سنوات على إقدام إسبانيا على تعديل القانون المدني، بهدف الاعتراف القانوني بالسفارديم الذين هُجّروا من إسبانيا خلال القرن الخامس عشر، دعت مؤسسة مدنية مغربية الحكومة الإسبانية إلى اتخاذ مبادرة مماثلة إزاء أحفاد الموريسكيين.

ووجّهت مؤسسة ذاكرة الأندلسيين رسالة إلى بيدرو سانشيز بيريز كاستخون، رئيس الحكومة الإسبانية، دعته فيها إلى الاعتراف القانوني والرمزي بأحفاد الموريسكيين الأندلسيّين، على غرار ما تم الاعتراف به لأحفاد السفارديم وغيرهم من الفئات ذات الروابط التاريخية مع إسبانيا.

وكانت الحكومة الإسبانية قد أقرت قانونا جديدا في عام 2014 بمقتضاه صار بإمكان أحفاد السفارديم، وهم يهود طُردوا من إسبانيا بعد استعادة سيطرتها على الأندلس من المسلمين أواسط القرن الماضي، أن يحصلوا على الجنسية الإسبانية.

واعتبرت الحكومة الإسبانية القانون، الذي أقرّته في مطلع شهر يونيو من العام 2014، بمثابة تصحيح لـ”الخطأ التاريخي” الذي ارتكبته بطرد السفارديم؛ لكنّ أحفاد الموريسكيين الذين طُرد أجدادهم أيضا من إسبانيا بعد سقوط حكمهم في الأندلس سجلوا القانون الجديد يكرس نوعا من التمييز السلبي ضدهم.

وأشارت مؤسسة ذاكرة الأندلسيين، في رسالتها إلى رئيس الحكومة الإسبانية، وبُعثت نسخة منها كذلك إلى وزير العدل الإسباني، بحسب ما أكد محمد نجيب لوباريس، رئيس المؤسسة، لهسبريس، إلى أنها كانت قد أعربت عن إشادتها بمبادرة تعديل القانون المدني الإسباني لتمكين السفارديم من حقوقهم القانونية والمعنوية، واعتبرتها شاهدا على إرادة إسبانيا التصالح مع تاريخها.

وفي الوقت نفسه، أكدت مؤسسة ذاكرة الأندلسيين أنها عبّرت كذلك، بعد إصلاح القانون المدني الإسباني الأخير، عن “استيائها العميق من تغييب ذاكرة الموريسكيين الأندلسيين عن التشريع الإسباني الجديد وعن الذاكرة الجماعية الإسبانية”.

وأبرزت المؤسسة نفسها، في رسالتها إلى رئيس الحكومة الإسبانية ووزير العدل الإسباني، أن الموريسكيين الأندلسيين طردوا هم كذلك من إسبانيا للأسباب نفيها التي طُرد بها السفارديم، بعد قرن من الزمن، منوّهة إلى أن أجيالا متتالية من أحفاد الموريسكيين الأندلسيين “حافظت، في بلدان استقرارها، على ذاكرتهم وتراثهم”.

وتداولت وسائل الإعلام الإسبانية، في أواخر شهر شتنبر من السنة الفارطة، إحصائيات مستخلصة من سجلات وزارة العدل بإسبانيا، تتضمن أسماء ما مجموعه 149.822 من يهود أمريكا اللاتينية والذين سجلوا وفقا لقانون عام 2015؛ وهو ما رحبت به مؤسسة ذاكرة الأندلسيين حينها، واعتبرته “تثمينا لسعي إسبانيا إلى سداد ديونها التاريخية بخصوص السفارديم”؛ غير أنها أعربت عن أسفها لـ”لإقصاء الذي تعرضت له، مرة أخرى، ذاكرة الموريسكيين الأندلسيين، وذاكرة أسلافهم الذين أعطوا الكثير لبلدهم، إسبانيا، حيث لا يزال أثرهم العمراني الثقافي حاضراً بشكل بارز”.

وتأمل مؤسسة ذاكرة الأندلسيين من الحكومة الإسبانية أن تبادر إلى معاملة الشتات الموريسكي في جنوب البحر الأبيض المتوسط وأمريكا اللاتينية بالمعاملة نفسها التي حظي بها السفارديم؛ وذلك بالاعتراف القانوني والرمزي بهم.

وأكدت المؤسسة أنّ الرسالة التي وجهتها إلى رئيس حكومة إسبانيا جاءت “لقناعة لدينا جميعاً بأن الديمقراطية الإسبانية لا يمكن أن تتجاهل، إلى الأبد، موعدها مع التاريخ، وأنها ستجنح بالتأكيد يوما إلى الاعتراف القانوني والرمزي بأحفاد الموريسكيين، وذلك بإدراجهم في أحكام المادة 22 من القانون المدني”.

وختمت المؤسسة رسالته بالقول: “إننا متأكدون، السيد رئيس الحكومة، من أن شعلة الذاكرة الموريسكية الأندلسية، المتوقدة إلى الأبد في أنفسنا، لا بد أن تضيء يوما بأنوارها طريق الوعي الجماعي، في بلد كان أيضا بلد أجدادنا”.

hespress.com