“رُب ضارة نافعة”.. قد تكون هذه العبارة أبلغ تعبير عن مآل المحنة التي مر بها الطفل أشرف، الذي كان حديث وسائل الإعلام الوطنية والدولية وثار حوله نقاش واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن انتشرت صورته وهو يخوض غمار محاولة الهجرة إلى سبتة المحتلة باكيا.

انتقل الطفل أشرف من حي سيدي مومن في مدينة الدار البيضاء وكله أمل في أن يكون واحدا من العابرين نحو الضفة الأخرى، واستعان في سبيل ذلك بقنينات فارغة حف بها جسمه لتُبقيَه على سطح الماء، ونجح في العبور؛ غير أن حلمه أجهض حين أعادته السلطات الإسبانية إلى المغرب، فأصيب بانتكاسة.

رفض أشرف الاستجابة لدعوات مواطنين حثوه على التخلي، ولو مؤقتا، عن التعلق بالهجرة إلى الديار الأوروبية، إلى أن يكبر قليلا ويشتد عوده، مع وعده بمساعدته على الهجرة بطريقة قانونية؛ غير أن مؤسسة “عطاء” أفلحت في إقناعه، بعد أن تعهدت بالتكفل به.

صباح الأحد، نشر جلال عويطة، مؤسس مؤسسة “عطاء” الخيرية، نداء على صفحته في موقع “فيسبوك”، يلتمس فيها من متابعيه أن يدلوه على طريق للوصول إلى الطفل أشرف. حظي النداء بتفاعل آلاف الأشخاص، ولم تمض سوى بضع ساعات حتى وجد جلال الطفل أشرف.

اهتمام مؤسسة “عطاء” الخيرية بحالة الطفل الذي شغلت قصته الناس شكل منعطفا كبيرا في حياة هذا الأخير، إذ وعده عويطة بأنه سيساعده وسيوفر له كل الظروف لبناء مستقبله بشكل جيد.

وإذا كان الكثيرون لا يعرفون عن معاناة الطفل أشرف سوى النكسة التي مُني بها عقب إعادته من سبتة، فإن الفتى ذا الستة عشر ربيعا يجر خلفه سنوات طويلة حافلة بالمأساة؛ ذلك أنه عانى اليُتم منذ كان عمره ثلاثة أيام، وتكلفت بتربيته سيدة أرملة هي بدورها أم لثلاثة أيتام.

عاش أشرف والسيدة التي تبنته مع أطفالها الثلاثة في كريان الرحامنة بحي سيدي مومن بمدينة الدار البيضاء، وأرغمته ظروفه الاجتماعية القاسية على مغادرة فصول الدراسة عند مستوى الخامس ابتدائي ليبحث عن عمل يعيل به نفسه والأسرة التي احتضنته.

“نفسيته مدمرة”، يقول جلال عويطة في حديث لهسبريس، قبل أن يؤكد أن حياة الطفل أشرف ستكون أفضل بكثير، حيث ستتكفل مؤسسة “عطاء” بتوفير سكان لائق لأشرف ولأسرته الصغيرة وتحويلهم من حي سيدي مومن.

فضلا عن ذلك، يضيف عويطة، سيتم تسجيل أشرف في مؤسسة للتكوين في الحلاقة أو صناعة الألومنيوم، بناء على رغبته، وتسجيله في نادٍ رياضي، علاوة على تخصيص كفالة شهرية له.

ويحاول عويطة إبعاد أشرف عن ضغط وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، لتعجيل تضميد جروحه النفسية، ويؤكد أن أشرف في أياد آمنة، وأن وضعه سيكون أفضل مستقبلا؛ “لأننا سنكون أصدقاء له”.

hespress.com