كشف مجلس المنافسة أن الأسر المغربية تتحمل حوالي النصف من إجمالي النفقات المخصصة لقطاع الصحة، موضحا أنه من ضمن 60 مليار درهم سنويا في حجم الإنفاق العام تصرف الأسر ما معدله 29 مليار درهم.

جاء ذلك ضمن تشخيص مجلس المنافسة لعدد من أوجه الاختلالات التي يعرفها القطاع الصحي في المملكة، وأصدر ضمنها رأيه المتعلق بوضعية سوق الدواء بالمغرب، مبرزا أن “النفقات التي تتحملها الدولة لا تتجاوز 15.5 مليارات درهم، فيما نظام التأمين الإجباري عن المرض يتحمل 14 مليار درهم، والمليار المتبقي يدخل ضمن النفقات الأخرى”.

وقال الرأي النهائي للمؤسسة الدستورية، الذي تتوفر هسبريس على نسخة منه، إن نسبة الإنفاق التي تصل إلى 48.36 في المائة لا تعكس المتوسط العالمي المحدد في 25 في المائة، معتبرا أن “هذه النسبة تشكل عبئا ثقيلا على السكان لا سيما الذين يعانون من الهشاشة، وتؤثر بشكل واسع على مستوى استهلاك الأدوية”.

وفضح المجلس الاحتكار الموجود في هذه السوق، حيث “يتحكم فيها 15 مختبرا بنسبة 70 في المائة”، موضحا أن بعض الفئات الدوائية جدّ ممركزة، مع وجود احتكارات ثنائية أو احتكارات قلة تحتل وضعية شبه هيمنة.

من جهة ثانية، أكد الرأي أن الأدوية المستوردة من الخارج تفوق مثيلاتها المصدرة حيث تمثل ما يناهز 40 في المائة من الطلب الوطني، مشددا على أنها تنعكس على الميزان التجاري الوطني الذي سجل عجزا بلغ 5.3 مليارات درهم سنة 2019.

الرأي نبه إلى أن التفاوت الحاصل سنويا في الميزانية المخصصة لشراء الأدوية واتسامها بالضعف يتسبب في عدم استقرار الميزانية ونفاد المخزون بشكل متكرر بالنسبة إلى بعض المنتوجات وانتهاء منتوجات أخرى، مبرزا أن الأدوية الجنيسة تمثل 79 في المائة من حجم المشتريات فيما لا تتجاوز 43 في المائة من قيمة مبالغ المشتريات؛ في حين أن الأدوية الأصلية تمثل 20 في المائة بحجم مشتريات يصل إلى 39 في المائة.

وسجل الرأي أن سوق الدواء بالمغرب تتميز بمنافسة مطبوعة بسياسة دوائية وطنية مجزأة وغير منسجمة، وبتدبير تهيمن عليه الوصاية الإدارية والتنظيمية والتقنية والطبية، التي لا تترك سوى مجال ضيق لتطوير آليات السوق والمنافسة النزيهة والمشروعة.

وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهها التقرير إلى المنافسة في سوق الأدوية، فإنه اعتبر أن دخول متنافسين جدد مكن من تحقيق تخفيضات مهمة خلال الفترة من 2016 إلى 2019، بنسبة بلغت 56 في المائة، على مستوى من رسا عليه المزاد، مشيرا إلى أنه على النقيض من ذلك فإن الأسعار بالنسبة إلى الأدوية المحتكرة لم تشهد أي تغيير بسبب غياب شروط ممارسة المنافسة في السوق.

أكد الرأي أن هذه السوق ضيقة بمعدل استهلاك ضعيف للأدوية لا يتجاوز في المتوسط 450 درهما لكل نسمة سنويا؛ في حين أن هذا المعدل يبلغ 3000 درهم في أوروبا، مبرزا أن “هذا ما يترجم العجز الكبير لولوج الساكنة المغربية إلى الدواء، عجز يتفاقم مع المستوى المرتفع لمساهمة الأسر في نفقات الصحة التي تناهز 48 في المائة، في الوقت الذي يبلغ فيه المتوسط العالمي 25 في المائة”.

hespress.com