حسمت محكمة النقض الجدل حول موضوع الاعتراف بالأبناء المولودين خارج مؤسسة الزواج؛ إذ اعتبرت في قرار صدر حديثا عنها أن الطفل “غير الشرعي” لا يرتبط بأي شكل من الأشكال بالأب البيولوجي لا بالنسب ولا بالبنوة.
وأنهى هذا القرار، الذي اطلعت عليه هسبريس، الجدل الذي رافق الحكم غير المسبوق الصادر عن قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بطنجة قبل ثلاث سنوات، الذي قضى بثبوت بنوة بنت وُلدت خارج إطار الزواج وأدين على إثر ذلك الأب البيولوجي بأداء تعويض قدره 10 ملايين سنتيم.
وكانت محكمة طنجة قد اعتمدت في قرارها على الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، ناهيك عن اختبار الحمض النووي الذي قطع الشك باليقين بأن البنت من صلب المدعى عليه، لكن هذا الحكم الابتدائي ألغته محكمة الاستئناف بالاستناد إلى أحاديث نبوية وعدد من التفسيرات، وهو ما دفع الأم إلى اللجوء إلى محكمة النقض لكن طلبها رُفض.
وإذا كانت المحكمة الابتدائية قد قضت بثبوت بنوة الطفلة فقط دون النسب، فإن قرار محكمة النقض، المؤرخ في 29 شتنبر من السنة الماضية، أكد أن “ولد الزنا يكون منقطع النسب من جهة الأب ولا يلحق به بنوة ولا نسباً”، واعتبر أن “المطالبة بالحكم بثبوت البنوة البيولوجية غير الشرعية للبنت مع الأب مع انقطاع النسب بينهما لا موجب يبرر الحكم بها لا شرعاً ولا قانوناً”.
وذكرت محكمة النقض أيضاً أن “العلاقة التي كانت تجمع بين طرفي النزاع هي علاقة فساد، وأن ابن الزنا لا يلحق بالفاعل ولو ثبت بيولوجيا أنه تخلق من نطفته، لأن هذه الأخيرة لا يترتب عنها أي أثر يذكر”.
وذهبت المحكمة، ودورها مراقبة تطبيق القانون من طرف محاكم الموضوع، إلى القول إن هذه “البنت تعتبر أجنبية عن أبيها، ولا تستحق أي تعويض لأنها ناتجة عن فعل غير مشروع كانت أمها طرفاً فيه”.
كما أوردت محكمة النقض أن القواعد القانونية وقواعد الفقه المعمول به، وهي بمثابة قانون، تقر بـ”أن ولد الزنا يلحق بالمرأة لانفصاله عنها بالولادة بغض النظر عن سبب الحمل هو وطء بعقد شرعي أو شبه أو زنا، ويكون منقطع النسب من جهة الأب ولا يلحق به بنوة ولا نسباً”.
وأشارت المحكمة في قرارها إلى الفصل 32 من الدستور الذي ينص على أن “الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع”، كما أشارت إلى المادة 148 من مدونة الأسرة التي تنص على أنه “لا يترتب عن البنوة غير الشرعية بالنسبة للأب أي أثر من آثار البنوة الشرعية”.