بعد تعريف قانون محاربة العنف ضد النساء للعنف النفسي، انتقل القضاء المغربي إلى مرحلة معاقبة مرتكبي هذا النوع من العنف، حيث أصدرت المحكمة الابتدائية بفاس حكما بالحبس النافذ والغرامة في حق شابين مارسا العنف النفسي ضد فتاة.
وفي تفاصيل القضية التي نشرها موقع المفكرة القانونية المتخصص في الشؤون القانونية، فإن الشابين المحكوم عليهما اقترح أحدهما على الآخر، بعد نهاية حفلة عيد ميلاد بمعية مجموعة من أصدقائهما في أحد مقاهي فاس، إيصال الفتاة إلى بيتها على متن دراجته النارية، ورافقهما صديقه، غير أنهما أرغماها على مرافقتهما إلى مكان آخر لإتمام السهرة.
ووجدت الفتاة نفسها مضطرة لمرافقتهما رغما عنها، خوفا من أن يعرّضاها لأذى، لكون صديقها الذي عرض عليها إيصالها إلى بيتها كان حاملا لسلاح أبيض وفي حالة سكر، وعند مرورهم بدورية للشرطة أخذت الفتاة في الصراخ، ما جعل العناصر الأمنية تتدخل وتلقي القبض فورا على الشابين المرافقين لها.
وعند عرضهما على المحكمة، تابعت النيابة العامة المتهم الأول من أجل أفعال “السكر العلني البين” و”حيازة سلاح”، و”العنف النفسي في حق امرأة عن طريق الإكراه بغرض المس بحريتها وتخويفها”، وتابعت المتهم الثاني من أجل تهمة “العنف النفسي”.
وتمت محاكمة المتهميْن عن بعد، حيث اعتبرت المحكمة أثناء مناقشة القضية أن قيامهما بمنع المشتكية من التوجه إلى منزلها، رغبة منهما في قضاء ما تبقى من الليل معها دون موافقتها، يشكل في حد ذاته عنفا نفسيا في حقها، وذلك بسبب جنسها بمفهوم الفصل الأول من قانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء.
وعرّفت المادة الأولى من قانون محاربة العنف ضد النساء، “العنف النفسي” بأنه “كل اعتداء لفظي أو إكراه أو تهديد أو إهمال أو حرمان، سواء كان بغض المس بكرامة المرأة وحريتها وطمأنينتها، أو بغرض تخويفها أو ترهيبها”.
وبناء على هذا الفصل، حكمت المحكمة الابتدائية بفاس على المتهم الأول الذي عرض على الفتاة نقلها إلى بيتها بخمسة أشهر حبسا نافذا وغرامة نافذة قدرها 1000 درهم، وحكمت على مرافقهما بالحبس النافذ لمدة ثلاثة أشهر وغرامة نافذة قدرها 1000 درهم.
ويُعد العنف النفسي من أكثر أنواع العنف ضد النساء انتشارا في المغرب، وهو ما يؤكده البحث الوطني الثاني حول انتشار العنف ضد النساء، الذي أنجزته وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة سنة 2019، والذي بيّن أن حوالي نصف النساء (49.1 في المئة) صرّحن بتعرضهن لهذا الشكل من العنف.
المُعطى نفسه أكده البحث الوطني حول العنف ضد النساء والرجال الذي أجرته المندوبية السامية للتخطيط سنة 2019، والذي جاء فيه أن 49 في المئة من النساء تعرضن للعنف النفسي. وينتشر هذا العنف بنسبة متقاربة في الوسطين الحضري والقروي.