ما زالت وزارة الصّحة تلوذ بالصمت في معالجتها لموضوع اللقاحات، بينما لا تقتنع شريحة كبيرة من المغاربة بجدوى عملية “التطعيم” ضدّ كورونا، التي ستنطلق خلال الأسبوع المقبل، بحيث انتشرت مؤخرا العديد من التّمثلات المجتمعية بشأن اللقّاح، إذ يقول البعض بأنه يؤثر على الأداء الجنسي للرّجل، فيما يشير الآخرون إلى أن “اللقاح” يُسبب العقم”.

ولم يقتنع مغاربة كثر بجدوى اللقاح الحالي، انسجاما مع تشكيكهم الأولي بشأن فيروس كورونا، ليمضي هذا الشعور مجددا ويكرس نظرية المؤامرة، بحيث يشك البعض في وجود شريحة أو تحولات جينية قد يسببها اللقاح بإيعاز من الدول الكبرى.

وأدى “صمت” المسؤولين الرّسميين إلى انتشار تمثلات قيمية ومجتمعية وسط المغاربة، ساهمت في ترسيخها وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي أصبح التعاطي معها ينم عن وجود “وعي جمعي” يعبّر عن أفكار مسبقة حول اللقاح وعملية التطعيم برمتها.

ومعلوم أن التلقيح سيهم في البداية أساسا الذين يشتغلون في الصفوف الأمامية (أطر صحية وأمنية وتعليمية)، على أن تعطى الأولوية أيضا للمصابين بأمراض مزمنة والذين يعانون الهشاشة الصحية، بينما سيتم تعميم التلقيح في مرحلة ثالثة على البالغين من العمر أزيد من 44 سنة، ثم يعمم بعد ذلك على باقي الفئات العمرية.

خلود السباعي، المتخصّصة في علم النفس الاجتماعي، أكدت أن ”التمثلات المجتمعية المرتبطة باللقاح هي نتيجة طبيعية ومنطقية، نظرا لعدم وضوح وزارة الصّحة في تعاطيها مع موضوع التلقيح، بحيث لا تريد التواصل مع المغاربة وفضلت معالجة الموضوع بطريقة أحادية؛ وهو ما يساهم في خلق شائعات مرتبطة بالجنس والدين والثقافة”.

واعتبرت الخبيرة في علم النفس، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “التلقيح مسألة مهمة وأساسية في حياة المغاربة، ولا بد من التواصل معهم حتى تكون الأمور شفافة وواضحة”، مبرزة أن “تخوف المغاربة من اللقاح هو أمر طبيعي، لاسيما في ارتباطه بالحياة الجنسية التي هي “مقدسة” لدى المغاربة”.

وشدّدت المتحدثة ذاتها على أن “الثقافة الشعبية البسيطة ساهمت في خلق هذا الربط بين اللقاح وتأثيراتها الممكنة على الحياة الجنسية للرجل والإنجاب لدى المرأة”، مشيرة إلى أن “شيوع مثل هذه التمثلات وسط المغاربة يمكن أن يخلق حالة من الاضطراب”.

وأوردت السباعي في تصريحها أن “الثقافة الشعبية اتجهت أساسا نحو الجنس والدين من أجل تهويل الأمر، بحيث يعتبر البعض أن اللقاح سيؤثر على “فحولة” الرجل وسيجعله مثليا جنسيا. كما أن هناك ادعاءات بأن “اللقاح سيؤثر كذلك على الإنجاب”، مشددة على أن “الفكر السّائد وسط المغاربة أن الرجل يجب أن يعمّر الأرض”.

وأقرت الدكتورة بأن “هذه الشائعات والتمثلات ستزداد أكثر، لاسيما في ظل تكتم وزارة الصحة وعدم مخاطبتها للمغاربة”، مبرزة أن “وسائل التواصل الاجتماعي تساعد على انتشار هذه الأفكار”.

hespress.com