أجمعت جلّ المركزيات النقابية بالمغرب على “سوداوية” العمل النقابي في ظل جائحة “كورونا” و”تراجع” الحكومة عن وعودها بتحسين ظروف الشغيلة، في مقابل تنامي “خروقات” مدونة الشغل والمواثيق العالمية ذات الصلة، بحسبها، الأمر الذي يزيد من التبعات الاجتماعية التي يكابدها المغاربة.
وانتقدت مجموعة من النقابات، ضمن البيانات الصادرة بمناسبة عيد الشغل، السياسات الحكومية المُنتهجة إزاء العمال والعاملات المتضررين من الفيروس التاجي، منبهة إلى ضرورة تخصيص “دعم تضامني” للفئات التي “حُرمت” من دعم “صندوق كورونا”.
وبالنسبة إلى الاتحاد المغربي للشغل، فإن “السلطات العمومية التي تقف موقف المتفرج لم تستطع إيقاف مسلسل الخروقات، وكبح جماح بعض أرباب العمل ممن استغلوا وضعية الوباء لتصفية حسابات مؤجلة، من خلال التسريحات الفردية والجماعية للأجراء، في خرق سافر لمدونة الشغل وللمواثيق الدولية”.
وأوردت المركزية النقابية أن “الطبقة العاملة المغربية تخلد فاتح ماي الأممي في ظرف استثنائي يتسم باستمرار الوباء في فرض إيقاعه على الحياة العامة، وتعميق أزمة العاملات والعمال وعموم الأجراء، الذين رمى بمئات الآلاف منهم في الآفة والهشاشة، بعدما فقدوا مصدر رزقهم وحرموا من الدعم التضامني المخصص للجائحة”.
وأدان الاتحاد، ضمن بيانه المخصص لفاتح ماي، “استغلال الجائحة أبشع استغلال، واتخاذها مطية للمزيد من الهجوم على حقوق ومكتسبات الطبقة العاملة وضرب الحريات النقابية”، منتقدا “موقف الحكومة المتفرج تُجاه الخروقات الصارخة لمدونة الشغل والمواثيق الدولية ذات الصلة والانحياز لأرباب العمل”.
واستنكرت المركزية العمالية “تجميد الحوار الاجتماعي، وعدم التزام رئيس الحكومة وإخلاله بعقد دروة للحوار الاجتماعي في شهر أبريل”، مسجلة بـ”امتعاض شديد تخندق الحكومة ضد الطبقة العاملة المغربية، وسعيها لاتخاذ المزيد من القرارات المجحفة في الأسابيع الأخيرة من عمرها”.
من جهتها، نبّهت المنظمة الديمقراطية للشغل إلى تفاقم “الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والبيئية التي ترزح تحت نيرانها بلادنا جراء السياسات اللاشعبية واللاديمقراطية للحكومة الحالية وسابقتها”، موردة المثال بـ”ارتفاع المديونية العامة، وضعف الاستثمار العمومي، وإفلاس آلاف المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، وضعف مؤشر النمو، وتسريح العمال وانتشار الاقتصاد غير المهيكل، وارتفاع نسبة الفقر”.
وأكدت المنظمة سالفة الذكر أن “انفجار الخلافات بين مكونات الحكومة قد زاد من أزمتها، حيث لجأت إلى الحلول الترقيعية في مختلف المجالات، ونهجت لغة القمع في مواجهة الاحتجاجات السلمية والنضالات المشروعة، واعتمدت سياسة التماطل والتسويف، بدل أسلوب الحوار مع المحتجين والفرقاء الاجتماعيين”.
لذلك، دعت النقابة “مختلف مكونات المجتمع إلى التأسيس لعقد اجتماعي جديد يقوم على توفير الحماية الاجتماعية لجميع شرائح المجتمع، ووضع لبنات نموذج تنموي جديد، وتخليق العمل السياسي، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتحقيق ثورة تعليمية تقطع مع السياسات المعتمدة إلى الآن”.
وشدد البيان على أن “المدخل الرئيسي لضمان نجاح هذا العقد الجديد هو تصفية الأجواء السياسية وإرجاع الثقة إلى العمل السياسي، بالعفو عن شبابنا في الريف وعن الصحفيين المعتقلين، وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتوفير كافة الضمانات لإجراء انتخابات ديمقراطية وشفافة، وتغليب كفة الحوار والإنصات لا لغة القمع”.
بدورها، قالت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل إن “الجواب على تداعيات الجائحة ليس هو منع كل أشكال الاحتفالات الميدانية ذات الصلة بعيد الشغل، والتضييق على الحقوق والحريات، وتعميق الاستغلال، بل هو بناء الدولة الاجتماعية والحماية الاجتماعية لكافة المواطنين والمواطنات”.
وأشارت الكونفدرالية، ضمن بيانها الصحافي، إلى أهمية “الحوار الاجتماعي المركزي المؤسس ثلاثي الأطراف، والحوار القطاعي المسؤول بمشاركة النقابات الأكثر تمثيلية”، مستغربة “منع الاحتجاج والتظاهر السلمي في مقابل السماح بخرق مدونة الشغل، وعدم التصريح بالعمال لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”.
واستنكرت المركزية العمالية “محاربة الحكومة للعمل النقابي، واستمرار تسريح العمال، وتعطيل الدعم الخاص بالجائحة، وتجاهل المطالب الاجتماعية”، مطالبة الحكومة بـ”التحلي بروح المسؤولية في التعاطي مع القضايا والملفات الاجتماعية، واحترام الحقوق والحريات”.