بعد النّقاش الحادّ على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب، عَقِبَ تسجيل لممثّل مغربي اعتبره البعض “مسيئا إلى الدّين الإسلامي”، وأُلحِقت بحُكمِه تدوينة لأستاذة مغربية على موقع “فيسبوك”، أدان اتحاد المسيحيّين المغاربة ما اعتبره “إساءة إلى الأديان”.

وشدّد اتحاد المسيحيّين المغاربة على أنّ “الإساءة إلى الأديان ليست مبدأ ديمقراطيّا”، وأنّ “إلحاق الأذى بالغير ليس عقيدة”؛ بل “مفهوم الحرية في الديمقراطية يتحدّد انطلاقا من مبدأ احترام الآخر وعدم الإضرار به”، لا “الإساءة إلى الأديان أو المسّ بمشاعر المتديِّنين”.

ويقول آدم الرباطي، رئيس اتحاد المسيحيين المغاربة راعي كنيسة المجد (منزليّة)، إنّ الاتحاد يعتبر أنّ “الممثّل والأستاذة يعطيان وجه المجتمع المغربي، وليسا أناسا عاديّين”، وزاد: بالنّسبة لي للإساء إلى الأديان تعبير آخر هو “التّحريض على الكراهية، ليكون لهذا مضمون قانونيّ”.

ويضيف الرباطي: “نحن في دولة ديمقراطية، ومن يساندون هؤلاء الناس لا يعرفون أنّ هذه الإساءة تُحَرِّضُ على الكراهية، وأنا ضدّ الخطابات المتطرّفة التي يتعرّضون لها، والمتشدّدين الذين يهاجمونهم، ولكن يجب أن يتمّ إيقافهم عند حدّهم قانونا”.

ويرى الفاعل المسيحي المغربي البارز أنّ مثل هذه المشاكل “تحطّم مجهودات الحقل الحقوقي في تأطير المواطن”؛ ولهذا يدين “جميع أعضاء اتحاد المسيحيين هذه الإساءة إلى الدين، ويستغربون ما صدر عن من يعتبَرون وجه المجتمع المغربي”.

وتعليقا على جواب هسبريس حول جدوى المتابعة على تعبيرات عن الرأي بدل تدبير الأمر داخل وسائل التواصل الاجتماعي نفسها، يقول رئيس اتحاد المسيحيّين المغاربة “إنّ مواقع التواصل فضاء عامّ، تمثّل تدويناتك فيه نفسك، ومن معك، والإساءة لا علاقة له بحرية التعبير”.

ويرى الرباطي أنّ “اعتذار الممثّل رفيق بوبكر يخصُّه هو؛ ولكنّه أساء وارتكب جناية كبيرة، كما كسر الحَجر وخرج من بيته”، ويزيد: “بالنسبة لي كمواطن هو فنّان وله تاريخ، وسأقبل هذا الاعتذار؛ لكن الحقّ المدنيّ يبقى في يد القانون”.

ويشدّد الرباطي على أنّه “دون خطوط حمراء، سنعيش التسيّب”، في حين “لا نريد أن نعيش ما تعيشه مصر ودول أخرى، من تناحر بين المذاهب، وبين مختلف الأفكار، ونشكُرُ ونحمد الرب على محاولة وزارة الأوقاف إعطاء صبغة معتدلة على المغرب، وتعايشنا مع جيراننا”..

وأجمل آدم الرباطي، في ختام تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، قائلا: “عندما أكون قاطنا في بلد، عليّ قراءة قانونه، والالتزام به، مع التعامل مع الناس ونشر ثقافة الخير والمحبة”.

تجدر الإشارة إلى أنّ الدستور المغربي ينصّ في أوّل فصوله على أنّ الأمّة تستند “في حياتها العامّة على ثوابت جامعة، تتمثّل في الدّين الإسلامي السّمح، والوحدة الوطنيّة متعدّدة الرّوافد، والملكية الدستورية، والاختيار الديمقراطي”. ويقول في فصله الثالث إنّ “الإسلام دين الدولة، والدّولة تضمن لكلّ واحد حرية ممارسة شؤونه الدّينية”. كما ينصّ تصدير دستور 2011 على “حظر ومكافحة كلّ أشكال التّمييز، بما في ذلك التمييز بسبب “المعتقَد أو الثّقافة أو الانتماء الاجتماعي (…) أو أيّ وضع شخصيّ، مهما كان”.

ويعاقب القانون المغربي، بمنطوق المادّة 220 من مجموعة القانون الجنائي، بالحبس من ستّة أشهر إلى ثلاث سنوات، مع الغرامة، “كلّ من استعمل وسائل الإغراء لزعزعة عقيدة مسلم أو تحويله إلى ديانة أخرى”. كما تعاقب المادة 223 من القانون ذاته بنفس العقوبة الحبسية “من تعمّد إتلاف بنايات أو آثار أو أيّ شيء ممّا يُستخدَم في عبادة ما، أو خرّب ذلك أو لوّثَه”. ويعاقب الفصل 267 من القانون الجنائي بالحبس من ستة أشهر إلى سنتَين “كلّ من أساء إلى الدين الإسلامي أو النّظام الملكي أو حرّض ضدّ الوحدة الترابية للمملكة”، بوسائل يتحقّق فيها شرطُ العلنيّة، بما في ذلك الوسائل الإلكترونية، والسمعية البصرية.

hespress.com