سجل المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، باعتباره هيئة استشارية مستقلة أحدثت بموجب الفصل 168 من الدستور، غيابا كبيرا عن الساحة المجتمعية التعليمية رغم الإشكالات التي واجهت المغاربة خلال أزمة كورونا.

المجلس الذي ينص الدستور على أن مهمته إبداء الرأي في كل السياسات العمومية والقضايا ذات الطابع الوطني التي تهم ميادين التربية والتكوين والبحث العلمي، يرى القانون المنظم له أن من أدواره، تنوير ذوي القرار والفاعلين والرأي العام، بواسطة التقييمات الكمية والنوعية، المنتظمة والدقيقة لمختلف مكونات منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي التي ينجزها.

محمد الشلوشي، خبير تربوي، استغرب في تصريح لهسبريس ما وصفه بـ”الصمت غير المبرر والغياب غير المفهوم للمجلس الأعلى للتعليم في التفاعل مع المستجدات الحارقة التي تلفح المنظومة التربوية بكل مكوناتها في ظل أزمة كورونا”، موضحا أن آخر بلاغ أو نشاط للمجلس يعود إلى العاشر من مارس الماضي حينما تم تعيين أمينة كركب أمينة عامة له، وقبل ذلك، تم توقيع مذكرة العمل في يناير بين الهيئة الوطنية للتقييم ومنظمة اليونسيف للنهوض بالحق في التربية للأطفال والشباب.

وأضاف الشلوشي أن “المجلس دخل بعدها في سبات عميق وكأن منظومتنا التربوية بألف خير ولم تتوقف عمليا الدراسة الحضورية لنصف موسم كامل”، منبها إلى كون المجلس لم يواكب النقاش العام والجدل الكبير بين كل المتدخلين في العملية التعليمية، أطرا وآباء تلاميذ وجمعيات للمجتمع المدني ونشطاء في الوسائط التفاعلية، حول شكل الدخول المدرسي القادم الذي يحرص الوزير على الاحتفاظ برمزيته العالية رغم توسع رقعة انتشار الفيروس التاجي.

واعتبر الباحث في الشأن التربوي أن أهم مهمة للمجلس الأعلى للتعليم التي من المفروض أن يشتغل عليها مائة عضو الذين يشكلون تركيبته ولجانه المختلفة من ذوي الخبرة في مجالات التربية والتكوين، هي إبداء الرأي في كل القضايا المتعلقة بالمنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي التي يعرضها عليه الملك أو الحكومة أو البرلمان أو بمبادرة منه، مبرزا أنه في “هذه الظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم والمغرب مع الجائحة المستمرة، كان لزاما على المجلس أن يتدخل برأي استشاري وأن يسمع له صوت على الأقل بعدما انتهت تجربة التعليم عن بعد”.

وشدد الباحث ذاته على أهمية رأي المجلس لكون التعليم عن بعد انخرط فيه المغرب مجبرا بعد توقف الدراسة في مارس الماضي، وذلك بجمع المعلومات وتنظيم جلسات استماع مع الفاعلين التربويين والإداريين لرصد جودة خدمات التعليم عن بعد في صيغها الثلاث: القنوات التلفزية ومنصة “TelmideTice” ومنصات الأقسام الافتراضية “TEAMS”، بايجابياتها وسلبياتها، والخروج بإجراءات تقييمية شاملة لما تم إنجازه وكيفية تحسينه في المرات القادمة، سواء على المستوى البيداغوجي أو التكنولوجي.

وقال الشلوشي إن “هذا هو جوهر عمل الهيئة الوطنية لتقييم منظومة التربية أهم لجان المجلس الأعلى للتعليم”، موردا أنه “كان يمكن أن يكون لنتائج عملها اليوم لو أنجزت أرضية صلبة ومؤسساتية تقف عليها وزارة التربية الوطنية في اقتراحاتها التشريعية والتواصلية مع الرأي العام لتدبير المرحلة الأولى من الموسم الدراسي”.

hespress.com