ما يزال الارتباك علامة مميزة لعمل “أعوان السلطة” بالمغرب؛ فأمام غياب مستندات قانونية واضحة، تبرز بين الفينة والأخرى سلوكيات تتجاوز المطلوب، وهو ما جرى في حالة تفريق احتجاجات الأساتذة المتعاقدين في شوارع العاصمة الرباط.
وينص ظهير التجمعات العمومية على حمل الشارات الوظيفية بالنسبة إلى الأشخاص الذين خول لهم القانون فض الاحتجاجات، سواء عميد الشرطة، أو كل عوْن آخر يمثل القوة العمومية والسلطة التنفيذية، وهو الشرط الذي لم يتوفر في الشخص الذي عنف الأساتذة.
وكشفت واقعة تعنيف “عون السلطة” الموجود حاليا رهن الاعتقال، والمتابع بتهمة “الضرب والجرح وانتحال صفة والتدخل في أعمال أمرت بها السلطات العامة”، الهشاشة التي يشتغل فيها أعوان السلطة، خصوصا بعد رفض مختلف الأجهزة نسب سلوكه إلى مصالحها.
وبرزت على مواقع التواصل صفحاتٌ تتحدث بلسان أعوان السلطة وتستعرض جملة من المشاكل التي تعتري عملهم، والبداية من غياب قوانين منظمة، وغياب أي أثر مكتوب للأوامر التي قد يعطيها الرئيس للمرؤوس، ما يضعف موقف “المقدم” في حالة حدوث خروقات.
شريفة لموير، باحثة في العلوم السياسية، اعتبرت أن الدور الذي يلعبه أعوان السلطة داخل المجتمع المغربي “بالغ الأهمية”، من خلال ارتباطهم بمصالح الدولة والأجهزة الإدارية والأمنية، بالإضافة إلى أن هذا الدور “ينبثق من خلال التواصل المباشر مع المواطنين”.
وأبرزت لومير أن أعوان السلطة يؤدون أدوارهم، سواء الاستعلامية أو الإدارية، “بناء على ميزة الانصهار في المجتمع”، موردة أنه “بعد بروز الدور الكبير الذي لعبه هؤلاء ونجاحهم في رصد التحركات المشبوهة منذ الهجوم على فندق أطلس أسني في مراكش عام 1994، تم دمجهم في خطة محاربة الإرهاب”.
وأشارت المتحدثة أيضا إلى الدور الذي قام به أعوان السلطة في الأحداث الإرهابية التي عرفتها الدار البيضاء يوم 16 ماي 3003، مسجلة أن “هذه الفئة بحاجة إلى التطوير والتنظيم، خاصة وأنهم لا يستفيدون من التقاعد ولا من التغطية الصحية، ووضعيتهم الإدارية غير آمنة”.
وأوضحت لموير أنه “يمكن عزل أيّ عون من دون اللجوء إلى اللوائح الإدارية القانونية أو النظام الأساسي الخاص بالموظفين”. ولذلك، دعت إلى “خلق مقاربة جديدة تؤطر مهام أعوان السلطة وتقيدها بشكل يتلاءم ومغرب اليوم المنخرط في مسار الانتقال الديمقراطي”.