مماثلة للقضايا السابقة، لم تنزح جرائم عدة هزت المغرب خلال الأسبوع الماضي عن الاستئثار بالنقاش العمومي، من خلال محاكمات شعبية افتراضية طالت المتورطين فيها.

وعلى امتداد الأيام القليلة الماضية، نصب معلقون وناشرون مشانق فيسبوكية استبقت التحقيق والقضاء أحيانا، وهو ما يفسره هؤلاء بحجم بشاعة الجرائم، خصوصا مقتل الطفل عدنان، واغتصاب فقيه لفتيات دوار بضواحي طنجة.

وأطلق نشطاء مغاربة عريضة افتراضية على “فيسبوك” تحت عنوان “حملة المليون توقيع من أجل إعدام قاتل الطفل عدنان”، بلغ عدد التوقيعات عليها إلى حدود اليوم حوالي نصف مليون توقيع.

سعيد جعفر، رئيس مركز التحولات المجتمعية والقيم في المغرب وحوض المتوسط، قال إن “القضاء الشعبي ليس مسألة جديدة لدى المغاربة، والدليل هو تعامل الناس مع مشكل ما سمي بالفتانين، أمثال الجيلالي بوحمارة والشريف الريسوني، وغيرهم”.

وأضاف جعفر، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الظاهرة مستمرة عمليا في العديد من الأسواق الشعبية بالمملكة، حيث يحاكم الناس السارقين دون اللجوء إلى السلطة”، مشيرا إلى أن “الأمر له علاقة بالارتباط بثقافة شبه الجزيرة العربية”.

وأوضح المتحدث أن “منطق الانتقام كان سائدا في صفوف القبائل العربية بالدرجة الأولى، وينتفي لدى المجتمعات الأمازيغية القديمة”، مسجلا أن “وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت منفذا جديدا للعدوانية المترسخة غريزيا”.

وأكمل المتحدث تصريحه قائلا إن “الإنسان كائن بيولوجي قبل أن يكون ثقافيا، وهو ما يفسر المشانق الفيسبوكية، رغم محاولة البعض إضفاء الطابع الفكري والايديولوجي عليها، لكنه في العمق لا يتعدى المسألة الجينية رغم اللبوس المتفرقة”.

وبالنسبة لجعفر، فلا معنى لمطالب إعدام المجرمين في الشارع العام أمام الجميع، واصفا ذلك بـ”السلوك الهمجي”، مضيفا في السياق ذاته أن “الشكل الذي حوكم به مشيد نصب أسماك المهدية غير مقبول بدوره”، موردا أن “الرأي العام غالبا ما ينجر بسهولة، وهذا أمر يربك النقاش”.

hespress.com