في سابقة هي الأولى من نوعها وفي الوقت الذي تبذل فيه الأطر التمريضية مجهودات كبيرة خلال شهور جائحة كورونا، تم جزاؤهم بفض احتجاجاتهم السلمية بعنف؛ وهو التدخل الذي وصفه الممرضون بـ”القمعي والهمجي”.

ووصف الممرضون التدخل بـ”أكبر مهزلة حقوقية”، مطالبين بضرورة فتح تحقيق في الموضوع، مهددين بالتصعيد في حالة ما إذا لم تستجب وزارة الصحة لمطالبهم.

وانتقد الممرضون تزامن الهجوم الذي تعرضوا له مع تدخل الجيش المغربي في الكركرات، مؤكدين أن صورهم وهم يُعتدى عليهم جالت العالم؛ وهو ما “يسيء إلى الوطن”.

وفي هذا الإطار وصف يونس جوهري، عن حركة الممرضين وتقنيي الصحة، تدخل الأمن لفض الاحتجاج الذي دعت إليه الحركة بـ”حدث غير مقبول شكلا ومضمونا”.

وأكد جوهري، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الحركة “ستخوض معارك نضالية تصعيدية، في ظل غياب حوار حقيقي للوزارة مع الممرضين”.

وتابع قائلا: “في الوقت الذي كنا ننتظر فيه أن يتم إنصاف الممرضين نشهد تدخلا قمعيا للقوات العمومية وغير مبرر في حق هذه الفئة التي ضحت بالكثير خلال هذه الجائحة منذ مارس الماضي في ظل ظروف مزرية وأمام خصاص مهول”.

وأردف المتحدث ذاته: “هؤلاء الممرضون اقتطعوا من وقت راحتهم لإسماع صوتهم للتعبير عن مطالبهم، وفي الوقت الذي كانوا ينتظرون فيه أن يجدوا آذانا صاغية لمطالبهم، خاصة أنهم احتجوا بشكل سلمي، واجهوا تدخل القوات العمومية لتمارس سياسة القمع وصلت إلى حد الضرب والشتم وحتى الصفع”.

وقال جوهري إن الأمر يتعلق بـ”أكبر مهزلة حقوقية نعيشها اليوم سببها التعاطي السلبي لوزارة الصحة مع المطالب المشروعة للممرضين”، وأضاف: “نتمنى أن يكون الأمر مجرد حادث معزول وليس سياسة ممنهجة”، مطالبا بضرورة فتح تحقيق في الأمر وأيضا “محاسبة من قام بهذا العمل المشين الذي يضرب صورة البلاد” حسب وصفه.

وأضاف المتحدث ذاته: “ماضون في الاحتجاج حتى تحقيق المطالب المشروعة وأهمها التعويض في الإنصاف عن الأخطار المهنية.. الممرض اليوم معرض لتمييز صارخ في مقدار التعويض عن الخطر، أمر غير مقبول، خاصة أنهم هم الأكثر عرضة للخطر المهني والأكثر قربا للمريض”.

ومن ضمن المطالب التي ذكرها جوهري ضرورة إخراج الهيئة الوطنية للممرضين، ومراجعة شروط الترقي، وإدماج الخريجين المعطلين “لمواجهة الخصاص المهول الذي نعاني منه اليوم، خصوصا في ظروف الجائحة”، مشددا أيضا على وجوب إنصاف ضحايا المرسوم الأخير وإخراج قوانين منظمة للمهنة.

وأكد الإطار التمريضي أن هناك “احتقانا كبيرا في صفوف الممرضين، خاصة في ظل هذه الظروف التي ينال فيها التعب منهم، أمام عدم منح الرخص الإدارية وتزايد عدد الحالات الحرجة التي تتطلب عناية خاصة”.

من جانبها، قالت فاطمة الزهراء بلين، المتحدثة باسم الحركة، تعليقا على التدخل لفض الاحتجاج: “لا نجد كلمة للتعبير عنه… إلى حد الساعة، لم أستفق من هول الصدمة”.

وأشارت بلين إلى أن الممرضين تعرضوا لـ”تدخل عنيف بطريقة غير مبررة، خاصة أن الأمر تعلق بوقفة سلمية وعدد المتظاهرين غير كبير، في احترام تام لشروط التباعد وارتداء الكمامات وأيضا مختلف الشروط الاحترازية”.

وأضافت: “قبل حتى انطلاق موعد الوقفة، تدخلت قوات القمع بالسب والشتم والدفع والسحل وبجميع الاعتداءات الجسدية والنفسية”.

وقالت: “بعد ستة أشهر من الخدمة الدؤوبة التي قدمناها عن قناعة وليس منا، بروح وطنية عالية والضمير المهني دفعتنا إلى التضحية والعمل المستمر.. واستمررنا في العمل رغم استنزاف الطاقة الجسمية والصحية والمشاكل اللوجستيكية وحاولنا أن نقدم كل ما يملك”.

وأكدت: “السياسة الصحية بشكل عام وفي ظل تسيير أزمة كورونا كانت دون المستوى، ورغم ذلك حاولنا جاهدين تحقيق انتظارات المواطنين”.

وتابعت بلين: “الاعتداء سيظل وصمة عار على جبين الوطن الذي يجازي الأطر التمريضية التي قدمت الكثير؛ فثقافة العرفان لن تستحق منا ولو درهما واحدا، لكن السلطات المغربية فضّلت أن تجازينا بالضرب والصفع والتنكيل”.

وأردفت المتحدثة: “حتى الحيوانات اليوم لا تصفع، فما بالك بالإنسان ومواطن بجميع حقوق المواطنة، وأكثر من ذلك ممرض مغربي ضحى بالكثير مقابل الأمن الصحي للوطن”.

وقالت بلين: “لا يشرفنا أن نتعرض لهذا النوع من التصرف بالتزامن مع تدخل الجيش المغربي في الكركرات؛ فنحن كمواطنين مغاربة نعتز بمغربيتنا ووحدتنا الترابية، ولا يشرفنا أن صور الممرضين وهم يتعرضون للاعتداء تجول العالم في هذا الوقت؛ ولكن للأسف السلطات لم تكن في الموعد، ولا في المستوى المطلوب”.

hespress.com