بعد قرار وزارة التربية الوطنية المزاوجة بين التّعليم الحضوري وغير الحضوري وترك الاختيار لآباء التّلاميذ وأوليائهم، ترى منظّمة مغربيّة في هذا تفضيلا للتّعليم عن بعد كخيار أوّل، و”مجازفة غير محسوبة العواقب”.

وتقول رسالة مفتوحة وجّهتها “منظمة يلي لحماية الفتاة” إلى سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، إنّ “مردودية التعليم عن بعد لا ترقى إلى مردودية التعليم الحضوري”، وتزيد: “القول بعكس ذلك مجانب للصواب كما أن انعكاساته على المتمدرسين غير ذات نفع كبير”.

وتسجّل الرّسالة المفتوحة أنّ مردّ اعتماد المغرب صيغة التّعليم عن بعد في منتصف السنة الدراسية المنصرمة، وتأكيده على “إيجابية” نتائجها، هو أن “المدرّس والمتمدرس كانت بينهما علاقة تعارف مسبقة، وكان المدرس يضع نصب عينيه خلال إلقاء الدرس عن بعد كل التلاميذ الذين يعرفهم حق المعرفة، ويعرف وجوههم، ومستواهم الدراسي والثقافي وسلوكياتهم، ونقط قوتهم وضعفهم، وارتساماتهم، وموقفهم من المادة ومن المدرس ذاته”، ثم تزيد متسائلة: “كيف سيتم بناء تلك العلاقة عن بعد؟ بل وكيف سيتم التواصل بين طرفي عملية تعليمية تعليمية دون تعارف حقيقي بينهما؟”.

وتدعو الرسالة المفتوحة الموجّهة إلى الوزير أمزازي إلى استحضار ما خلقه هذا النوع من التعليم “من تشنج في العلاقة بين الأسر وأرباب المدارس”، ثم تذكّر بتنبيه سابق لها خلال السنة الدراسية الفارطة إلى ما في اعتماد التّعليم عن بعد مِن “ضرب لمبدأ تكافؤ الفرص بين التلاميذ، خاصة أن أبناء البوادي والهوامش لا يتوفرون على الأدوات والوسائل القمينة باللجوء إليه، ووجود أسر متعلمة تتقن استعمال هذه الآليات، وتواكب تعلم أبنائها، في مقابل أسر عاجزة تمام العجز عن القيام بذلك”.

وتسترسل الرسالة المفتوحة قائلة: “تحميل الأسر مسؤولية اختيار التعليم الحضوري هروب إلى الأمام من طرف الحكومة، وتخلّ عن كامل مسؤولياتها تجاه أطفالها، ويعرقل عمل الأستاذ”.

وأمام حاجة الأستاذ(ة) إلى أن يدرِّس جزءا من القسم حضوريا والجزء الآخر “غيابيا”، لا ترى منظّمة “يلي” إلا سيناريوهين ليتمّ الأمر: “إما تقليص الزمن المدرسي للتلميذ بغاية احترام حصة الأستاذ القانونية، أو مضاعفة عمل المدرّس وإرهاقه لتأمين منح المتعلمين الحصة الكاملة بالنسبة لكل المواد، التي أقرَّت سابقا وفق قناعة بيداغوجية؛ علما أنّ هذا بدوره يطرح سؤال هل ستقدم نفس أسئلة الامتحان للمتمدرسين عن بعد وللمتمدرسين عن قرب، أم أن كل فئة سيتم تكييف تقويماتها وفقا لظروف التعلم، ما سيضرب مبدأ التكافؤ؟”.

ومن العوامل التي تمّ تغييبها في اتّخاذ وزارة التربية الوطنية هذا القرار عدم أخذ عمل الأبوين بعين الاعتبار، وحاجتهما الملحة إلى من يرافق الأطفال في المنزل، بعدما لم يكن هذا المشكل مطروحا بحدّة خلال السنة الدراسية الماضية؛ لأن الأسر بكل مكوناتها كانت تحت الحجر الصحي.

وتعتبر “منظمة يلي لحماية الفتاة” أنّ الحلّ يكمن في “اعتماد التعليم الحضوري من دون تأخير الدخول المدرسي، مع السهر على تطبيق بروتوكول صحي صارم يراعي بكل المؤسسات التعليمية، عمومية وخصوصية، احترام التدابير الصحية الواقية؛ مع الضرب على يد كل من خالف ذلك”.

وتدعو المنظّمة الوزير أمزازي إلى مراجعة قراره، والتفكير في “الصيغ الكفيلة بأن تضمن الحكومة الشروط اللازمة لتمدرس أطفالنا في جو آمن يضمن سلامتهم، وأن تفكر في صيغ بيداغوجية جديدة متحررة من النمط التقليدانيّ، منفتحة على الطرائق الفعالة التي تضمن تحقيق كفايات الحياة، ومهارات اكتساب وتطوير الشخصية في أبعادها المختلفة”.

hespress.com