أصدرت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE)، بتعاون مع الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا، تقريراً تضمن توصيات لفائدة المغرب من شأنها زيادة التمويلات العمومية لقطاع الصحة.

وجاء في التقرير، الصادر بداية الأسبوع الجاري، أن الموارد المالية التي يُخصصها المغرب لقطاع الصحة تبقى ضعيفة، حيث لم تتجاوز 5,2 في المائة من الناتج الداخلي الخام في سنة 2017، وحوالي 5,6 في المائة سنة 2018، فيما تُوصي منظمة الصحة العالمية على الأقل بـ12 في المائة.

ومقارنةً بالدول المجاورة، يتجلى أن المغرب يُخصص أقل نسبة لقطاع الصحة، حيث نجد أن الجزائر تُخصص 10,7 في المائة من ناتجها الداخلي الخام للصحة، و12,4 في المائة في الأردن، و13,6 في المائة في تونس.

وبالإضافة إلى ضُعف النفقات المخصصة له، فإن قطاع الصحة بالمغرب يتم تمويله بنسبة 51 في المائة من الأداء المباشر للأسر، و24 في المائة بالموارد الضريبية، و22 في المائة تأتي من مُساهمات الضمان الاجتماعي، و1 في المائة من النفقات الأخرى الخاصة للأسر، وأقل من 1 في المائة من خلال التعاون الدولي.

107 مليارات درهم

يؤكد التقرير أن المغرب حقق تقدماً في قطاع الصحة من خلال ارتفاع أمد الحياة وتقليل عبء الأمراض المعدية؛ لكن لا تزال هناك الحاجة إلى جهود إضافية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة المرتبطة بالصحة، خصوصاً على مستوى مؤشري وفيات الأمهات وحديثي الولادة.

ويواجه المغرب، حسب التقرير، تفاوتات مجالية على مستوى العرض الصحي، تنضاف إليها شيخوخة السكان المرتقبة، حيث سيرفع عدد الأشخاص الذين يتجاوز عمرهم 65 سنة ثلاث مرات ما بين 2020 و2060؛ وهو ما سيزيد من نفقات الصحة ويُهدد التوازنات المالية لصناديق التأمين الإجباري عن المرض.

وتطرح هذه التحديات الحاجة الملحة إلى تقوية نفقات الصحة من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال رفع النفقات المخصصة للقطاع بـ2,5 نقط في المائة من الناتج الداخلي الخام للوصول إلى 8,2 في المائة.

وسيمكن هذا الرفع من زيادة نفقات الصحة لكل مواطن من 170 دولارًا سنة 2016 إلى 419 دولارًا سنة 2030، ومضاعفة عدد الأطباء بـ2,6 مرات وعدد الأطقم الطبية بـ3,6 مرات، وهذا يعادل 107 مليارات درهم، بمعدل 7,7 مليارات درهم سنوياً، منها 77 مليار درهم من النفقات العمومية.

محوران للتمويل

من أجل تمويل الزيادة في النفقات العمومية للصحة بدون التأثير على النمو الاقتصادي الذي يبقى أساسياً، يقترح التقرير الاهتمام بمحورين أساسيين؛ الأول يهم تحسين الاشتراكات الاجتماعية بشكل يتلاءم ومستوى التنمية في البلاد، والثاني يتعلق بزيادة استخدام المداخيل الضريبية.

وتؤكد منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أن الرفع من الموارد العُمومية لفائدة قطاع الصحة لا يمكن تحقيقه بدون تعزيز كفاءة وضبط النفقات العمومية لقطاع الصحة، من خلال تقوية القدرات التحليلية لوزارة الصحة، إضافة إلى دعم تطوير القطاع الصحي الخاص من خلال اعتماد حوافز ضريبية جديدة.

في المحور الخاص بتحسين الاشتراكات الاجتماعية، يُشير التقرير إلى أهمية التحكم في نفقات التأمين الإجباري عن المرض من خلال تجديد الاتفاقيات الوطنية ومراجعة التعريفة المرجعية، وتحديث بروتوكولات العلاج.

كما تُوصي المنظمة بتوسيع قاعدة الاشتراكات من خلال دمج 640 ألف أجير ما زالوا مشمولين بالتعاضديات الخاصة، إضافة إلى حذف سقف المساهمة الشهرية للتأمين الإجباري عن المرض في القطاع العام.

وجاء ضمن التوصيات أيضاً ضرورة زيادة مُعدلات الاشتراك في التأمين الإجباري عن المرض، ودمج النساء والقطاع غير المهيكل ومحاربة البطالة، واعتماد نظام تأمين صحي عن المرض للعاملين المستقلين.

في حين يتضمن المحور الخاص بزيادة استخدام المداخيل الضريبية لتمويل الصحة اقتراحات تهم مراجعة الضرائب الداخلية على استهلاك المنتجات الضارة بالصحة، خصوصاً المتعلقة بالتبغ والكحول والسكر من أجل زيادة تمويل القطاع.

وتؤكد منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي أيضاً على أهمية وضع نظام ضريبي لحماية البيئة لتخفيف التأثير على صحة المواطنين، ناهيك عن تخصيص جزء من إيرادات الضريبة على القيمة المضافة للصحة شرط وضع إطار ميزانياتي بين وزارتي الصحة والمالية.

hespress.com