موازاة مع استعداد الحكومة لتفعيل التغطية الصحية الإجبارية للمستقلين، بدأت تظهر بوادر رفض التجار، وخاصة الصغار، لنظام المساهمة المهنية الموحدة، الذي تم تضمينه في قانون المالية برسم سنة 2021، كآلية لاقتطاع مساهمات التجار في نظام التغطية الصحية الإجبارية، الذي سيدبره الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

وبدأت بعض الهيئات الممثلة للتجار في التحرك من أجل دفع الحكومة والمديرية العامة للضرائب إلى إلغاء نظام المساهمة المهنية الموحدة، حيث ذهبت الجمعية المهنية للتجار بتزنيت إلى وصفه بـ”النظام الجائر والظالم وغير العادل”، معتبرة أنه سيُفقر التجار الصغار وسيُغني التجار الكبار.

وتنبع مخاوف التجار من نظام المساهمة المهنية الموحدة من كون هذا النظام سيُثقل كاهل التجار الصغار بمساهمات ضريبية لا قبَل لهم بها؛ ففيما كانت فئة منهم تؤدي ضريبة يسيرة في حدود 300 أو 500 درهم، حين كان العمل بنظام الربح الجزافي، فإن الضريبة التي سيؤدونها الآن، بما فيها المساهمة في نظام التغطية الصحية الإجبارية، ستصل إلى 1500 درهم، حسب إفادة محمد حمسك، رئيس الجمعية المهنية للتجار بتزنيت.

وأوضح المتحدث نفسه في تصريح لهسبريس أن التغطية الصحية كانت من بين المطالب التي ظلت ترفعها الهيئات المهنية الممثلة للتجار؛ “لكن ينبغي أن تكون اختيارية، وأن تكون المساهمة التي يدفعها التاجر في المتناول”، مضيفا أن المطلوب هو تصنيف التجار أولا، وتحديد المساهمات التي سيؤدونها بناء على مداخيلهم، “لأن هناك مَن لا يتعدى رقم معاملاته السنوية ثلاثين ألف درهم”، على حد تعبيره.

وكانت المديرية العامة للضرائب قد أعلنت أن إحداث نظام المساهمة المهنية الموحدة، والذي حل محل نظام الربح الجزافي، تم من أجل ضمان تغطية صحية للملزمين من خلال واجب تكميلي موجه إلى الخدمات الاجتماعية لتغطية التأمين الإجباري عن المرض”؛ غير أن هذا النظام بدأ يثير معارضة التجار الصغار، ويَعتبرون أنه يخدم التجار الكبار فقط.

وحسب المعطيات التي قدمتها الجمعية المهنية للتجار بتزنيت، فإن التاجر الذي حقق رقم معاملات 1.200.000 درهم سيؤدي ضريبة، بموجب نظام المساهمة المهنية الموحدة، قدرها 24.000 ألف درهم؛ بينما كان سيتوجب عليه، وفق نظام الربح الجزافي الذي كان معمولا به في السابق، أن يؤدي 66.800 درهم، أي أنه استفاد من تخفيض في مبلغ الضريبة قدره 42.000 درهم، رغم أنه حقق أرباحا بلغت 240.000 درهم.

وبالمقابل، يضيف المصدر نفسه، فإن التاجر الذي لا يتعدى رقم معاملاته السنوية 15 مليون سنتيم، وجنى أرباحا في حدود 30 ألف درهم، سيؤدي ضريبة قدرها 3000 درهم، بموجب نظام المساهمة المهنية الموحدة؛ بينما كانت هذه الفئة من التجار معفية من الضريبة على الدخل وفق نظام الربح الجزافي لعدم تجاوز دخْلها للحد الأدنى.

وأوضحت الجمعية المذكورة أن نظام المساهمة المهنية الموحدة يمنح تخفيضات مهمة لذوي الدخل المرتفع ويخضع للضريبة المجحفة صغار الملزمين الذين كانت مبالغ الضريبة التي يخضعون لها منخفضة أو الذين كانوا معفيين منها بحكم عدم تجاوز دخلهم 30.000 درهم.

وذهبت الهيئة المهنية سالفة الذكر إلى القول إن نظام المساهمة المهنية الموحدة الجديد “نظام جائر وظالم وغير عادل ويتعارض مع مقتضيات الدستور، خاصة الفصل 39 والفصل 40 منه، وينصان على أن المواطنين يتحملون التكاليف العمومية والتكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد كل على قدر استطاعته، وكذا بصفة تضامنية وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها”.

وبالرغم من أن الحكومة باشرت مشاورات مع الهيئات المهنية الممثلة للتجار، من أجل تحديد مبلغ المساهمة في نظام التغطية الصحية الإجبارية، فإن ما جرى إقراره في قانون المالية الجديد “لم يعكس ما وُعدنا به”، يقول محمد حمسك، مضيفا: “هم قالوا لنا إنهم سيحددون نسبةَ مساهمة في متناول الجميع، ونحن نطالب فقط بالإنصاف، وإلا فإن نسبة كبيرة من التجار لن يقدروا على دفع المساهمات المفروضة عليهم”.

وأردف المتحدث ذاته أن التجار لم يفهموا بعد حيثيات نظام المساهمة المهنية الموحدة، موضحا: “هم سمعوا فقط بأنهم سيستفيدون من التغطية الصحية الإجبارية؛ ولكنهم لا يعرفون الثمن الذين سيؤدونه مقابلها”، بينما قالت الجمعية المهنية للتجار بتزنيت إن صمت التجار إلى حد الآن “ليس علامة رضا”، محذرة من لجوئهم إلى الاحتجاج “عندما يفاجؤون بالزيادات الصاروخية التي يتوجب عليهم أداؤها”.

ودعت الهيئة المهنية ذاتها المديرية العامة للضرائب ووزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة والحكومة والبرلمان إلى “ضرورة التعجيل بإلغاء نظام المساهمة المهنية الموحدة، أو على الأقل جعلها اختيارية، والإبقاء على نظام الربح الجزافي الذي أثبت على مر العقود أنه الأنسب لفئة صغار الملزمين”.

hespress.com