يسود تذمُّر كبير وسط مهنيي سيارات الأجرة الكبيرة والصغيرة بمدينتي الرباط وسلا، بعد أن أوقفت السلطات نشاطهم قبل حوالي شهرين، في إطار الإجراءات الاحترازية المتخذة للحد من تفشي فيروس كورونا، تاركة إياهم في مواجهة مصاريفَ تفوق طاقتهم، وفي مقدمتها سومة كراء المأذونية وأقساط تجديد السيارات والتأمين.

وفي الوقت الذي يؤكد فيه مهنيو سيارات الأجرة بالرباط وسلا أنهم ملتزمون بالامتثال لقرار السلطات القاضي بوقف نشاطهم، فإنهم يطالبون بأن يتحمّل أصحاب المأذونيات بدورهم نصيبهم من مسؤولية التضامن الشعبي لمواجهة جائحة كورونا، إذ لا يزالون يستخلصون السومة الكرائية من المهنيين رغم التوقف التام لهؤلاء عن العمل.

وفيما لم تستجب سلطات العدْوتين بعدُ لمطلب مهنيي قطاع سيارات الأجرة الذي هو مصدر رزق آلاف الأسر، إذ توجد في مدينة سلا لوحدها 2500 سيارة أجرة، فإن المهنيين يلوّحون بشلّ القطاع بعد انتهاء فترة الحجر الصحي، وذلك بالدخول في إضراب مفتوح عن العمل، ردا على عدم الالتفات إلى وضعيتهم الصعبة حاليا.

وتبرر السلطات وقف نشاط سيارات الأجرة بالرباط وسلا بأن المدينتين تتوفران على “الاكتفاء الذاتي” من وسائل النقل العمومي، لوجود الترامواي وحافلات النقل الحضري، ولم يُبد المهنيون معارضة لهذا القرار؛ لكنهم يَعتبرون أن وقف نشاطهم مع الاستمرار في أداء سومة كراء المأذونيات قرار ينطوي على إجحاف في حقهم.

وقال حسن الدكالي، الكاتب الإقليمي لنقابة سيارات الأجرة بسلا التابعة للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، إن مدينتي الرباط وسلا هما المدينتان اللتان أوقفت فيهما السلطات نشاط سيارات الأجرة كليا دون باقي مدن المملكة، بداعي توفر وسائل نقل أخرى، مضيفا: “را الناس كتموت بالجوع، حيتْ كاين بزاف ديال المهنيين ما استافدوا حتى من الدعم اللي كتعطيه الدولة”.

ويوم أمس فقط تم تقديم 130 ملفا تتعلق بطلب مساعدات من طرف مهنيي سيارات الأجرة بسلا إلى مسؤولي العمالة، حسب إفادة الدكالي، مضيفا، في تصريح لهسبريس: “والله إيلا الناس كتبكي، حيت الشيفور لا ما حرّْكش البولون (مِقود السيارة)، ما يعيشش، والشوافرية ما عندهومش بديل آخر من غير هاد الخدمة”.

ووجد مهنيو سيارات الأجرة المتوقفون عن العمل بالعاصمة الرباط وسلا بسبب حالة الطوارئ الصحية أنفسهم مطوّقين بمصاريف شهرية لا طاقة لهم بها، تزيد على خمسة آلاف درهم، منها 1500 درهم كسومة كراء “الگريمة”، كحد أدنى، و2500 درهم كأقساط تجديد السيارة، إضافة إلى مصاريف التأمين.

وبحسب إفادة الدكالي، فإن الاقتطاعات البنكية التي يدفعها مهنيو السيارات الأجرة، في إطار عملية تجديد حظيرة سيارات الأجرة، لم تتوقف، وأن المهنيين ما زالوا يدفعونها، كما يدفعون أيضا السومة الكرائية لأرباب المأذونيات، رغم توقفهم عن العمل.

واجتمعت إحدى عشرة نقابة ممثلة لمهنيي سيارات الأجرة أول أمس، ورفعوا طلبا إلى السلطات المحلية بإعفاء المشتغلين في هذا القطاع من أداء سومة كراء المأذونيات لمدة ثلاثة شهور، ريثما يتعافى القطاع “ويلا ما استاجبوش للمطلب ديالنا، ملي غادي يسالي الحجر الصحي ما غنخدموش”، يقول الدكالي.

وتابع المتحدث ذاته قائلا: “السلطات تقول إن توقيفنا عن العمل أمْلاه الواجب الوطني، منعا لتفشي جائحة كورونا، ونحن عبّرنا عن التزامنا لهذا القرار، ولكن يجب أن يعبّر أصحاب المأذونيات أيضا عن وطنيتهم، وأن يساهموا في هذا التضامن الشعبي، وذلك برفع أيديهم عن المهنيين، ولو لمدة ثلاثة أشهر على الأقل”.

hespress.com