منذ انطلاق الحديث عن قرب انطلاق حملة التلقيح ضد فيروس كورونا بدأت تتعالى أصوات مشككة في مكونات هذه المنتجات المختبرية بعدد من الدول.

في الجزائر طلب رئيس النقابة الوطنية للأئمة، جلول حجيمي، الكشف عن مكونات اللقاح إن كانت “حلالا أو حراما”. وفي المغرب تشكك أصوات في أهمية اللقاح، في مقابل تشديد العلماء على ضرورة التلقيح “حفاظا على الأنفس”.

أنس لغبسي، أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، قال إن التلقيح ضد أي مرض يخشى انتشاره أمر مشروع في الدين الإسلامي، بل مندوب ومرغوب فيه، إذ لا فرق بين التلقيح خشية ‏مرض متوقع الحصول وبين التداوي من مرض نازل وحال.

واستدل لغبسي بحديث نبوي يقول: ‏‏”من تصبَّح بسبع تمرات من تمر المدينة لم يَضُرَّه سِحْرٌ ولا سُمٌّ”، معلقا بالقول: “وعلى هذا فإن التلقيح من داء كورونا المستجد أمر مشروع لاعتبارات عدة”.

وفي تصريح لهسبريس رصد الجامعي ذاته الاعتبارات سالفة الذكر قائلا: “إن الإنسان لا يمكنه القيام بواجب العبودية الحقة لله تعالى إلا إذا كان سليم البدن، ومن هنا تظهر أهمية المعافاة للمؤمن، للاضطلاع بوظيفة الرسالة والاستخلاف، من خلال الأخذ بأسباب الوقاية والاستشفاء والتداوي من الأمراض والعلل”.

وأضاف الأستاذ ذاته: “لقد عظم الشرع أمر التداوي حتى جعله في بعض الحالات في رتبة الواجبات، فقال النبي ﷺ: ‘إن الله أنـزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتَدَاوَوْا’. وضرر داء كورونا يتعدى إلى الآخرين، والقاعدة الشرعية تقول: ‘لا ضرر ولا ضرار’”، وأردف: “إن حفظ النفس وصيانتها من مقاصد الشريعة الإسلامية الخمسة: حفظ النفس والدين والنسب والعقل والمال. وقد أوجب الشرع حفظ النفس، والعناية بتوفير كل ما تتحقق به حمايتها، قال تعالى: ‘ولا تقْتُلُوا أنفسكم إِن الله كان بكم رحيما’”.

وأشار لغبسي إلى أن ترك التلقيح ضد كورونا يؤدي لا محالة إلى إهلاك الأنفس، وزيادة انتشار الوباء، ويدمر اقتصاد البلد وأمنه ونماءه، مستطردا: “تتسم اللقاحات بأنها مأمونة إلى حد كبير، وتخضع لاختبارات مشددة من طرف المختبرات العلمية للتأكد من سلامتها الصحية، وذلك قبل الموافقة على استخدامها، وما يحدث من أعراض بعد التلقيح هي أمور ثانوية ومؤقتة، يمكن عادة السيطرة عليها من خلال تناول بعض الأدوية والعقاقير المخصصة لذلك”.

وتابع الأكاديمي: “خلاصة القول إن التلقيح نوع من الأخذ بالاحترازات الوقائية من داء كورونا المستجد، لتحصيل المناعة المجتمعية، للحد من انتشاره وذيوعه. كما أنه ينبغي التنبيه إلى عدم الانسياق وراء الشائعات والادعاءات التي تشكك في التلقيح ضد هذا المرض الفتاك لعدم استنادها إلا أدلة”.

hespress.com