انطلق اللقاء الدراسي حول مدونة الشغل، المنظم من طرف وزارة الشغل والإدماج المهني، بالعاصمة الرباط، على وقع تشكيك المركزيات النقابية في مبادرة الوزارة إلى طرح موضوع تطبيق مدونة الشغل للنقاش في الظرفية الراهنة، مبدية تمسّكها بتطبيق مقتضيات المدونة الحالية قبل التفكير في إدخال أي تعديلات عليها.

ارتياب المركزيات النقابية من مبادرة وزارة الشغل فتح هذا الملف عبّر عنه الميلودي موخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، بتساؤله في مستهلّ الكلمة التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية للقاء الدراسي: “كيف نتساءل عن تطبيق المدونة والعديد من المقتضيات أصبحت مجمدة بذريعة أزمة جائحة كورونا؟”.

وانطلق موخاريق من نتائج التداعيات التي أرخت بها جائحة كورونا على الطبقة العاملة، ليتهم الحكومة بعدم تدبير الأزمة من الناحية الاجتماعية “بالمسؤولية اللازمة”، ذاهبا إلى القول إن الحكومة “استغلت هذه الظرفية لتمرير قوانين مجحفة في حق الطبقة العاملة، مثل مشروع القانون ‘التكميمي’ للإضراب، ومشروع قانون المنظمات النقابية”.

الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، أكبر المركزيات النقابية الموجودة في الساحة، اعتبر أن طرح وزارة الشغل والإدماج المهني موضوع تطبيق مدونة الشغل في الظرفية الحالية “ينطوي على تناقض بين الخطاب الحكومي وبين الوضعية السيئة للطبقة العاملة”.

وتساءل موخاريق: “كيف يمكن التساؤل عن تطبيق مدونة الشغل والأزمة كانت لها آثار وخيمة على عموم الأجراء نتيجة الركود الاقتصادي الذي لحق بمجموعة من القطاعات المشغلة لليد العاملة؟ وكيف يمكن أن نبسُط هذا التساؤل وأعداد كبيرة من العمال فقدوا مناصب عملهم؟”.

وأشار الفاعل النقابي ذاته إلى أن عدد العمال الذين فقدوا عملهم بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا بلغ ستمائة ألف أجير، بمعدل عشرة آلاف أجير يتم فصلهم يوميا، معتبرا أن هذه الوضعية التي وصفها بـ”المأساوية” ستزداد تبعاتها، من فقر وهشاشة وبطالة، حدة، “أمام ضعف الحماية الاجتماعية”.

وقبل أن تنطلق جلسات اللقاء الدراسي حول مدونة الشغل الذي سيدوم يومين برعاية وزارة الشغل والإدماج المهني، استبق موخاريق مُخرجات هذا الموعد، وقال: “إن كل ما سيصدر عن هذا اللقاء الدراسي لن يكون ملزما لنا للدفع بتعديل مدونة الشغل، لأن فترة الأزمات ليست مناسِبة للتشريع الاجتماعي، لأنه لن يكون إلا تراجعيا”.

ورغم أن اللقاء الدراسي حول مدونة الشغل انطلق بحضور أطراف الحوار الاجتماعي، من المركزيات النقابية، والاتحاد العام لمقاولات المغرب، فإنه ينعقد تحت سماء ملبدة بغمام الخلاف القائم بين النقابات العمالية والحكومة، والذي تأجج أكثر مع سعي الطرف الحكومي إلى إخراج قانون الإضراب وقانون المنظمات النقابية.

وعبر خالد الهوير العلمي، نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، عن هذا الخلاف بقوله: “نحن رفضنا التوقيع على اتفاق 25 أبريل، لأن الحكومة أتت بمصطلح غريب عن الحركة النقابية وعن الحوار الاجتماعي، وهو التشاور، بدل التفاوض”، مضيفا: “كل القوانين الاجتماعية والقضايا التي تهم عالم الشغل يجب أن تتم على طاولة الحوار الاجتماعي والتفاوض ثلاثي الأطراف”.

الهوير أبدى بدوره توجس المركزية النقابية التي يمثلها من التوقيت الذي تم اختياره لبحث موضوع تطبيق مدونة الشغل، قائلا في تصريحات للصحافيين: “لنقُلَها بصراحة، هذا اليوم الدراسي لا يجب أن يكون مناورة في محاولة للمسّ بالمدونة، بل أن يكون لقاء دراسيا علميا، ولا يمكن أن يكون آلية لتعويض التفاوض ثلاثي الأطراف”.

وأوضح الفاعل النقابي أن الإشكال في مدونة الشغل هو عدم تطبيق مقتضياتها، وأن المطلوب أولا هو تطبيقها قبل التفكير في إدخال تعديلات جديدة عليها، مضيفا: “السؤال الذي يتوجب على الحكومة أن تجيب عنه هو مَن يخرق مدونة الشغل ومَن لا يراقب تطبيق أحكامها؟”.

وجوابا عن سؤال لهسبريس حول موقف الكونفدرالية الديمقراطية للشغل من تعديل مدونة الشغل، قال الهوير: “موقفنا واضح.. نحن لم نوقع على اتفاق 25 أبريل الذي يتضمن مراجعة المدونة في إطار التشاور..رفضنا هذا ولم نوقع على المحضر”، وتابع: “هذا اليوم الدراسي لن يكون تمهيدا للوصول إلى مراجعة، والسؤال المهم بالنسبة إلينا هو لماذا لم تُطبّق المدونة؟”.

hespress.com