صيف بدون جالية ستعيشه مدن الريف والشمال بعد قرار السلطات المغربية عدم التأشير على تنظيم عملية “مرحبا 2021” بالجارة الشمالية، وهو ما سيسهم في تأزيم الوضع الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة المتضررة أصلا من تداعيات “كورونا”.
وكانت ساكنة الحسيمة والناظور وتطوان تنتظر بفارغ الصبر تدفق المهاجرين المغاربة القادمين أساسا من إسبانيا لتنتعش الحركة الاقتصادية في مدن الشمال، إلا أن قرار إلغاء “عملية مرحبا” أربك حسابات تجار ومهنيي السياحة الذين يعيشون على نشاط وتدفق الجالية.
ولا يشمل فتح الخطوط البحرية مع المغرب أي ميناء إسباني يعبر من خلاله أكثر من مليوني مغربي كل صيف؛ فقد اشترطت السلطات المغربية السفر عبر ميناءين من إيطاليا وفرنسا، لضمان عودة المغاربة المقيمين في أوروبا إلى أرض الوطن.
وقال الناشط الحقوقي في الحسيمة إلياس الموساوي إن “استثناء الموانئ الإسبانية من عملية مرحبا لأسباب صحية أو سياسية، سيسبب خسائر مهمة للجانب الإسباني، ولعل المدن التي ستتحمل القسط الأكبر من هذه التكلفة هي مدن الجنوب الإسباني (الأندلس)”.
وأضاف المتحدث في تصريح لهسبريس أن “هذه المناطق هي مناطق عبور واستراحة للكثير من أفراد الجالية المغربية المقيمة بمختلف البلدان الأوروبية الذين يقررون دخول التراب الوطني كل سنة عبر المعابر البحرية لإسبانيا”.
وتابع الموساوي بأنه “حين نحتكم لمنطق الموازنة، فلا أعتقد أن الخسائر التي سيتلقاها الاقتصاد المغربي ستكون أقل تكلفة من تلك التي سيتحملها الاقتصاد الإسباني؛ فدخول حوالي ثلاثة ملايين مهاجر مغربي مقيم بمختلف البلدان الأوروبية، إضافة إلى أكثر من 800 ألف سيارة، يساهم بلا شك في حركية مهمة للاقتصاد الوطني”.
واعتبر أن هذه العملية تمكن المغرب من الحصول على سيولة مهمة من العملة الصعبة، يستحيل الحصول عليها من عمليات أخرى.
وبعدما دب التفاؤل في نفوس أفراد الجالية المغتربين بزيارة وطنهم بحكم تسارع وتيرة التلقيح بالمغرب، جاء الخلاف الدبلوماسي بين الرباط ومدريد ليعيد كل شيء إلى نقطة الصفر، ويضاف أيضا إلى التأثيرات النفسية التي سببتها جائحة كورونا السنة الفارطة حين حالت دون ولوجهم إلى أرض الوطن.
وأوضح الموساوي أن “منطقة الريف تبقى أكثر المناطق تضررا من هذا القرار، بحكم أن جالية مهمة في أوروبا تنحدر من مدن الحسيمة والناظور ودريوش”.
وفي حالة عدم إعادة النظر في القرار الذي استثنى الموانئ الإسبانية من “عملية مرحبا”، فسيكون هناك عزوف كبير للجالية عن قضاء العطلة الصيفية بالتراب الوطني سيدفع ثمنه المغرب ومدنه الساحلية التي يرتكز اقتصادها على الحركية الاقتصادية، بحسب المتحدث ذاته، لأن العديد من المهاجرين عبروا عن انزعاجهم من الأثمنة الباهظة التي ستكلفها عملية التنقل من بلدان إقامتهم إلى المغرب.
وشدد الموساوي على أن العديد من التجار وأرباب المقاهي والمطاعم والفنادق بمنطقة الحسيمة والنواحي عبروا عن تخوفهم من تثبيت هذا القرار الذي سيحكم على الكثير منهم بإعلان إفلاسهم نتيجة الأزمة الخانقة التي تحملوا وزرها السنة الماضية بسبب ظروف الجائحة.
وختم قائلا: “الحكومة مطالبة بالاستماع إلى هذه الفئات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وحتى تعود عجلة الاقتصاد إلى الدوران بمدن الشمال التي ستدفع فاتورة كبيرة في حالة استمرار الأمور على ما هي عليه الآن”.