أعلن نشطاء مدنيون عزمهم إعطاء الانطلاقة لمبادرة واسعة للمساهمة في “مقاومة انتشار وتمدد فيروس كورونا المستجد والقضاء عليه، وذلك بمشاركة مختلف تنظيمات المجتمع المدني”، مشيرين إلى أن “المبادرة انطلقت كفكرة فردية للنقاش، وطرحت أولاً على مستوى محدود من الأصدقاء والصديقات في صفحة الأستاذ قيس مرزوق الورياشي في فيسبوك، قبل أن تتلقفها جمعية مركز الدراسات التعاونية للتنمية المحلية بالناظور التي بدأت تناقشها وتسهم في بلورة مضمونها وأبعادها”.

وأشار الواقفون رواء المبادرة إلى أن “هذا التحدي الكبير لا يمكن أن يتحقق إلا بانخراط جميع تنظيمات المجتمع المدني وفعالياته، ولا يمكن أن يتحقق ميدانياً إلا في المستوى المحلي على الصعيد الوطني، فيما تسعى جمعية مركز الدراسات التعاونية للتنمية المحلية بالناظور إلى مساهمة الجميع وانخراط كل مكونات المجتمع المدني”.

وأشار المبادرون إلى أن “فيروس كورونا المروّع والقاتل يبدأ خجولاً، ويختار الضعاف منا على غفلة منا، ثم سرعان ما يكشّر عن أنيابه وينمو ويتمدد، حيث سُجّل على الصعيد العالمي، منذ بدء الجائحة إلى الآن، 26.758.935 مصاباً بفيروس كورونا، و877.780 هالكا بسبب كوفيد-19، فيما تم تسجيل 68.605 مصابين و1292 حالة وفاة بالمغرب، حسب معطيات وزارة الصحة المغربية”.

وفي تعريف المبادرة التي أطلق عليها “التحدي الكبير لفيروس كورونا”، أشارت معطيات توصلت بها هسبريس إلى أنه “قبل الشروع في العمل، علينا تنقية الأجواء باقتراح أجوبة وليس بطرح أسئلة”، فيما قال الواقفون وراء المبادرة: “مللنا الأسئلة، ومللنا من قراءة وسماع المعلومات غير الموثقة والأخبار الكاذبة، كما مللنا من تتبع فيديوهات التشكيك والتيئيس، وهل الفيروس من صنع الطبيعة أم من صنع البشر…”، قبل أن يشدّدوا على أن “الأجوبة التي ينبغي أن نعطيها لأنفسنا، هي كيف يمكن أن نقنع الشعب بضرورة تحدّي الفيروس ومواجهته”.

وجاء ضمن المعطيات التي توصلت بها هسبريس أنه قيل الكثير عن سلوك الشعب “المتهور والمتراخي”، وتم تفسير التهور والتراخي تارة بالجهل والأمية، وتارة بالفقر، وتم تجاهل أن الكل كان متهوراً، طبقات صغرى ووسطى وعليا، المتعلمين وغير المتعلمين، رجالا ونساء، صغارا وكبارا، حضريين وقرويين، مسؤولين ومواطنين عاديين، متدينين وغير متدينين…

وقال المبادرون: “لنترك الآن لعبة البينغ بونغ والتساؤل، ولو مؤقتاً، عمن يتحمل المسؤولية، ولنذهب مباشرة إلى العمل، إلى الفعل، إلى خلق لجان مدنية لليقظة المحلية (Comités Civils d’Alerte Locale, CCAL) تعمل، بالموازاة مع الطاقم الطبي والطاقم الأمني والطاقم الإداري، لأن اللجان المدنية لليقظة المحلية لا يمكن أن تنبع إلا من المجتمع المدني”.

وأشارت المبادرة إلى أن في المغرب توجد حوالي 140.000 جمعية، وإذا تحرك منها فقط 10 في المئة نكون أمام 14.000 جمعية، ما يعني قوة مواجهة كبيرة يمكن أن تغير جذرياً من معادلة الفيروس مقابل “الشعب المتهور”، مضيفة أن هناك جبهتين موازيتين للعمل، “جبهة الإقناع”، و”جبهة توجيه الناس للدفاع عن الذات” ضد خطورة الفيروس التي لا ريب فيها، عبر إجراءات معروفة علينا أن نجتهد في تبسيطها وإيجاد وسائل بديلة غير مكلفة لتفادي تفشي الفيروس.

وأوضح المصدر ذاته أنه “بالنقاش والحوار الجاد والمسؤول، سنتمكن من صياغة استراتيجية بديلة، فلا وقت للضياع، لأن هدفنا سيتمحور على تحقيق نتائج ملموسة فيما يتعلق بالحد من انتشار الفيروس والقضاء عليه، ورهاننا الأساسي لرفع التحدي هو كيف نحقق الهدف بأقل الخسارات الممكنة، من خلال ضمان حريتنا وكرامتنا ومصادر قُوتِنا، وفي نفس الوقت الالتزام بإجراءات صارمة للمقاومة والحفاظ على الحياة وتفادي ما هو أسوأ”.

وقال مطلقو المبادرة: “علينا أن نلتف حول برنامج عمل قابل للتطبيق، محدد زمنياً لكنه قابل للتمديد إن تطلب الأمر ذلك، ويمكن أن تتحدد ورقة الطريق لهذا البرنامج وفق شعار (فيروس كورونا، يامّا هو يامّا حنا / فيروس كورونا، يا نشّين يا نتّا)، من أجل تحقيق الهدف المتمثل في (التوعية والتحسيس بمخاطر فيروس كورونا وطرق محاصرته والحد من انتشاره)”.

وجاء في تحديد البنية التنظيمية للمبادرة أن “اللجان المدنية لليقظة المحلية ستتكون من مواطنين ومواطنات متطوعين ومتطوعات، تؤسس ضمن جمعية مسجلة وتعمل تحت إشرافها، وتنشط على مستوى الحي بالنسبة للمدينة وعلى مستوى الدوار بالنسبة للبادية، ويمكن لجمعية واحدة أن تؤسس عدة لجان محلية، خصوصاً وأن أعضاء كل لجنة محدود في ثلاثة”.

وعن لجنة التنسيق الإقليمية والأخرى الجهوية، أشار المقترح إلى أنه “يمكن أن تؤسس لجنة التنسيق في إطار شبكة محلية للجمعيات أو في إطار جمعية ذات ثقل ومصداقية في الإقليم”، إضافة إلى “إنشاء منصة تنسيق وطني، يمكن أن تكون موقع إنترنيت خاصا، ويمكن أن تكون حساباً خاصاً في منصة فيسبوك أو غيره، وحاليا يمكن الاستغلال المؤقت لمجموعة مبادرة التحدي الكبير التي أسسها الأستاذ قيس مرزوق الورياشي ضمن حسابه على فيسبوك”.

وأضاف المصدر ذاته أن متطوعي ومتطوعات اللجان المحلية يحملون شارات مميزة تحمل اسم “اللجنة المدنية لليقظة المحلية CCAL” توضع على أذرعهم معترفا بها من طرف السلطة المحلية، فيما يخضع متطوعو ومتطوعات اللجنة المدنية لليقظة المحلية لتكوين حضوري أو عن بعد حول تقنيات التحسيس والتوعية.

وعن التنسيق بين الجمعيات، أشار المبادرون إلى أن المبادرة تتوخى إشراك منظمات المجتمع المدني في حملات منظمة للتوعية والتحسيس بمخاطر فيروس كورونا وطرق محاصرته والحد من انتشاره، وينبغي الوعي منذ البداية بأن هذا العمل عمل جبّار يتطلب التضحية والمثابرة، كما يتطلب تعميمه في مجموع التراب الوطني، ذلك أن أي عمل معزول، سواء على مستوى مدينة ما أو إقليم ما، لن يكون له الأثر المرجو منه ما دام أن الفيروس ينتقل مع الأشخاص في تحركاتهم وأسفارهم”، مشيرين إلى أن “التنسيق في ما بين الجمعيات ضروري، سواء على مستوى الأحياء أو على مستوى المدن والأقاليم والجهات وحتى وطنيا”.

وورد ضمن المعطيات ذاتها أنه من الناحية العملية، هناك إمكانيتان للتنسيق، هما “التنسيق عن بعد باستعمال تقنيات الفيديوكونفيرينس”، و”التنسيق الحضوري، مع مراعاة شروط اليقظة الصحية”، مشيرة إلى أن الجمعيات التي يمكن أن تنخرط في المبادرة هي جمعيات الأحياء والوداديات، والجمعيات البيئية، والجمعيات الشبابية، والجمعيات الرياضية، والأندية النسوية، وجمعيات آباء وأمهات التلاميذ، والجمعيات التنموية، والنقابات العمالية”.

وحدّدت المبادرة أماكن تدخل اللجان المدنية لليقظة المحلية، مشيرة إلى الأماكن التي يمكن أن تمثل بؤرة للعدوى كالأسواق والمتاجر والمقاهي والمطاعم والمخابز والمتنزهات ومحطات الطاكسيات والحافلات والمؤسسات العمومية ذات الاستقطاب المفتوح للمواطنين والمواطنات، إضافة إلى المعامل والتعاونيات والمصالح القنصلية والأضرحة والأولياء وتجمعات الأفراح وتجمعات الأتراح…

وأشارت المبادرة إلى أن وسائل عمل اللجان يمكن أن تشمل التواصل الشفوي، ومكبر الصوت عند الضرورة، ونماذج من الكمامات وقارورات مراهم التعقيم، إضافة إلى توزيع كمامات مجانية في حالة توفر الشروط الصحية للتوزيع، مشدّدة على أن “اللجان المحلية تشتغل على مستوى الحي أو الدوار، وبالتالي فإن أفرادها من المفروض أن يكونوا من المنتمين إلى نفس الحي أو الدوار، ما يعني أن الموارد المالية واللوجيستيكية غير مطروحة”.

وحدّد الواقفون وراء المبادرة عدد أفراد اللجنة الواحدة في شخصين إلى ثلاثة أشخاص على الأكثر بالنسبة للجان المحلية، و5 أشخاص إلى 7 بالنسبة للجنة الإقليمية واللجنة الجهوية، فيما يمكن تكوين أكثر من لجنة في الحي الواحد، بينما يتم توزيع المهام على أفراد اللجان بوضع برنامج يومي أو أسبوعي تحدد فيه مجموعة من المهام ونقاط التدخل (Points d’intervention)، حيث لا تشمل المهام التحسيس والتوعية فقط، بل تشمل أيضاً تتبع ومراقبة الالتزام بالإجراءات الصحية الوقائية.

وعن المستفيدين من حملات التحسيس والتوعية، ذكرت المبادرة “المواطنين والمواطنات بصفة عامة، وأرباب المعامل والعمال، وأرباب المحلات التجارية، وسائقي الحافلات والطاكسيات، ومسؤولي وعمال المتاجر الكبرى، وأرباب وعمال المقاهي والمطاعم، وأرباب وعمال المخابز”، مشيرة إلى أنه قبل الشروع في العمل ينبغي إخبار السلطات المحلية كتابة مع التوصل بتوصيل الإخبار ومدها ببرنامج العمل والجدولة الزمنية والمكانية، إضافة إلى التنسيق مع السلطات الصحية ومدها ببرنامج العمل والجدولة الزمنية والمكانية.

وأوضحت المعطيات المرتبطة بالمبادرة أنه “يمكن تقسيم الحملات التحسيسية والتوعوية إلى دورات، حيث تمتد الدورة الأولى الأساسية على أربعة أسابيع، الأسبوع الأول لتكوين المتطوعين وبرمجة العمل، والأسبوع الثاني والثالث والرابع للقيام بحملات التحسيس والتوعية، وبعد إتمام الدورة الأساسية، يتم تقييم التجربة محلياً وإقليمياً وجهوياً، وعلى أساس التقييم تحدد الدورة الموالية ببرنامج عمل مكمل، حيث يمكن حينها تمديد هذه الدورات طالما أن اللجان المحلية والإقليمية والجهوية ترى ضرورة ذلك”.

وأوضح المصدر ذاته أن أصحاب المبادرة يشتغلون حالياً على كراسة خاصة بتكوين المتطوعين والمتطوعات ومضمون تدخلهم على مستوى الأحياء والمراكز التجارية ومراكز العمل، وسيتم وضع هذه الكراسة رهن إشارة جميع الجمعيات.

وجاء في ختام المعطيات أنه بعد مرور أسبوع عن النداء الأول لمبادرة التحدي الكبير من أجل محاصرة فيروس كورونا والقضاء عليه، استجاب عدد من الجمعيات والشبكات الجمعوية بالناظور وأعاروي والدريوش والحسيمة وتطوان وطنجة وجرادة وأزرو والرشيدية والخميسات وصفرو ومكناس والجديدة وأكادير وتيزنيت، إضافة إلى استجابة 3 جمعيات وطنية تغطي جميع التراب المغربي.

hespress.com