رصدت حركة “معاً” غياب مواضيع عديدة مثل الصحراء والديمقراطية وحرية التعبير والهوية عن تقرير اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، الصادر قبل أسبوعين، وجرى تقديمه أمام الملك محمد السادس.

واعتبرت “معاً”، وهي حركة سياسية منبثقة من المجتمع المدني، أن خلاصات اللجنة “جاءت دون المتوقع على الرغم من الإمكانات الكبيرة التي وضعت رهن إشارتها والكفاءة المعترف بها لأعضائها”.

وأشارت الحركة، في قراءة أولية لها في التقرير، إلى أن مخرجات اللجنة أغفلت “الديمقراطية واستقلال القضاء والحريات، خاصة حرية التعبير، وتم إسقاطها من الأسس المحورية للنموذج التنموي، أسوة بالتعليم والصحة”.

وجاء في الوثيقة أن “اللجنة أخلفت اللجنة موعدها التاريخي أمام المغاربة، ولم تظهر الشجاعة الكافية، ومارست على نفسها رقابة ذاتية في تناولها مواضيع الديمقراطية والحريات الفردية رغم توفرها على كل ضمانات حرية التصرف لإنجاز أشغالها”.

وفي نظر الحركة فإن “خيار اللاتمركز الإداري الذي تبنته اللجنة يكرس وصاية الدولة المركزية على المجالات الترابية، ويعيق بروز مؤسسات تمثيلية محلية قوية ومسؤولة”، مضيفة أن “اعتماد مفهوم ‘دولة قوية، مجتمع قوي’ يثير المخاوف بخصوص تكريس توجه تنفيذي قد يصل إلى حد الهيمنة، والذي عززته المقاربة المعتمدة خلال فترة تدبير الأزمة الصحية، ما يعلي من قيمته مقارنة بالتوجه البرلماني”.

ولاحظت الهيئة ذاتها “غياب النظرة الاستشرافية بخصوص التحولات البنيوية في المجتمع المغربي ومكانة الأسرة مع تصاعد الفردانية وفق أنماط العيش الحديثة”، وتساءلت في هذا الصدد: “هل من الممكن تجاوز الخوض في مكانة الطفل والمرأة والأشخاص المسنين في بنية مجتمعية متأثرة بقيم متوارثة ونظرة مفتوحة على المستقبل؟”.

من بين تم إغفاله وفق “معاً”، توجد “العلاقة السببية الملحوظة بين تطور الأداء الاقتصادي وبناء الثقة مع الفاعل السياسي، وهي علاقة تأكدت فصولها خلال حقبة التناوب الأول في نهاية القرن الماضي وبداية عهد الملك محمد السادس”، وزادت: “كما تغاضى التقرير عن الحديث عن ضرورة تجديد النخب الاقتصادية والسياسية على حد السواء”.

وفي رأي الحركة، فقد أغفلت اللجنة، التي ترأسها شكيب بنموسى، الثورة الرقمية الجذرية والذكاء الاصطناعي اللذين يجمع المختصون على أثرهما اللامحدود على أنماط التعلم والإنتاج والاستهلاك والتنقل، وعن تغير مفهوم الزمن واختزاله فوق ما نتوقعه.

وفي ما يخص آليات التوزيع العادل للثروة ومحاربة اقتصاد الريع وتشجيع الاستثمار المنتج، سجلت حركة “معاً” ما وصفته بـ”تقزيم التقرير لدور السياسة الجبائية في تحقيق هذا الهدف وغياب مقترحات عملية تقوم الوضع القائم”.

وعن غياب موضوع الصحراء، تساءلت الحركة: “كيف يمكن تجاوز قضية الصحراء واستكمال الوحدة الترابية في هذه الإستراتيجية الوطنية المراد بها توحيد الصف وراء نموذج تنموي يعبئ كل الطاقات ويساعد على إطلاق الدينامية المطلوبة لتحقيق أهدافه؟”.

وبخصوص تمويل النموذج التنموي المقترح، ذكرت الحركة أن هناك ضرورة لنقاش عميق في طرح قضايا التنمية في جميع أبعادها، خصوصاً في ما يتعلق بتوفير الميزانية المطلوبة لتنزيل هذا المشروع، التي تعادل وفق أرقام التقرير 4 في المائة من الناتج الداخلي الخام.

انتقادات الحركة شملت أيضاً ما اعتبرته “تغليب المنطق التكنوقراطي الصرف على الأبعاد الفلسفية وحتمية تحقق التطلعات التنموية”، واقترحت من أجل كل ما أوردته من ملاحظات إطلاق مشروع تفكير جماعي لكل الديناميات المهتمة في أفق الانخراط المنصوص عليه في التقرير.

hespress.com