ما زال الموسم الجامعي المقبل على شفى حفرة من خلافات تعرقل الدخول المرتقب؛ فإلى حدود اللحظة، تستقر مطالب تأجيل اعتماد نظام بنظام “الباشلور” (البكالوريوس) على بيانات وشكاوى صادرة عن الأساتذة، مع ترقب خطوات احتجاجية.
وترى مختلف المركزيات النقابية والتنسيقيات أن الشروط الضرورية لتنزيل نظام “البكالوريوس” المقترح، في إطار الإصلاح البيداغوجي، ابتداء من الموسم المقبل غير متوفرة في الوقت الحالي.
وتتوالى اجتماعات الأساتذة الجامعيين الأسبوع الجاري؛ وذلك بغية تنبيه الوزارة الوصية على قطاع التعليم العالي إلى بياضات عديدة صادرة من مختلف جامعات المغرب، تؤكد استحالة تثبيت النظام الجديد انطلاقا من السنة المقبلة.
أول هذه العوائق يتعلق بضعف الوسائل اللوجستيكية الكافية لتوطين “البكالوريوس” في بعض المؤسسات الجامعية، مع عزم الجامعة اللجوء إلى التعليم عن بعد واستعمال منصات رقمية لتدريس الوحدات المتعلقة باللغات والمهارات الذاتية والمهنية.
واعتبرت النقابات أن نظام “الباشلور” يتناقض مع روح الإصلاح وأهدافه، خاصة أن التجربة الحالية التي فرضتها حالة الطوارئ الصحية أبانت بوضوح ضعف نجاعة التعليم عن بعد وأكدت أنه لا يمكن أن يعوض التعليم الحضوري.
وبموجب هذا النظام الجديد، سيدرس الطالب في مجموع السنوات الدراسية الأربع 26 وحدة معرفية (مواد أساسية)، و8 وحدات في الكفايات الحياتية والذاتية، و6 وحدات في اللغات الأجنبية، و4 وحدات للانفتاح المتخصص، ووحدتين للانفتاح العام، ووحدتين مخصصتين للمشروع المؤطر بدل واحدة المعمول بها حاليا.
وكان سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي، قد أعلن، مؤخرا، أنه سيتم الشروع في العمل بنظام “الباشلور” في جميع مؤسسات التعليم العالي ابتداء من الموسم الجامعي المقبل.
المختار أعمرة، عضو المكتب الوطني لتنسيقية الكرامة للأساتذة الباحثين، اشتكى تغييب دور رؤساء الشعب في اقتراح الوحدات المعرفية، وانحصار إصلاح النظام في تذكية دور الشعب في اقتراح الوحدات وفي تقرير زمن التخصص فقط.
ويضيف أعمرة، عن أسباب الرفض، تشتيت مكونات “الباكلوريوس” في شموليته على مستويات عديدة؛ منها التراجع في كتلة المعارف المرتبطة بالتخصص كأهم محاور القانون الخاص والعام، ومشكلة تقليص غلافها الزمني بما من شأنه أن يشكل إعاقة في جودة التكوينات خاصة على مستوى التخصصات الأكاديمية؛ ثم غياب البنية التحتية الملائمة خاصة بالنسبة إلى كليات الحقوق وهي كلها مفتوحة الاستقطاب، في ظل الاكتظاظ الهائل وكذا انعدام التكوينات والمعدات التقنية المرتبطة بوسائل التواصل الإلكترونية والمعلوماتية.
وأشار عضو المكتب الوطني لتنسيقية الكرامة للأساتذة الباحثين إلى الاكتظاظ وطرق تفريغ الغلاف الزمني المخصص للأستاذ؛ فتدريس الأستاذ لألف طالب وثمانمائة طالب في الحصة الواحدة لا يمكن أن يقاس بالمقياس العادي لزمن الحصص في باقي المؤسسات التي لا تعرف نظير ذلك الاكتظاظ.
وتساءل المتحدث عن العنصر البشري الذي سيتولى تنزيل “الباشلور” وإنجاح هذا النظام الجديد، هل من تحفيز مادي ومعنوي في ظل ظروفه التي تعرب عن بؤس الواقع والتي أصبح معها الأستاذ الباحث يحتل الرتبة الـ54 في سلم الأجور.
وأردف أعمرة أن مصلحة الوطن في شموليتها هي الرهان؛ فالكل يشرئب لإصلاح تعليمي حقيقي وجذري ومتكامل من إنتاج بيئة مغربية وذي بعد مغربي، وليس نسخ تجارب مقارنة نجحت في ظروف مخالفة لواقعنا الضعيف.