انتقدت الكونفدرالية العامة للشغل الطريقة التي تم التعاطي بها مع جائحة “كورونا”، معتبرة أن “خطاب الطمأنينة”، الذي تم تبنّيه منذ ظهور الوباء، “لم يكن في الواقع إلا خطابا فارغا، وديماغوجية غير ممأسسة على معطيات حقيقية”.

وأضافت أن جائحة “كورونا” ساهمت في تعرية “الواقع المرير المتسم باحتقان اجتماعي، ووضعت الأصبع على ضعف القطاعات الاجتماعية، سواء في مجال التعليم أو الصحة أو الشغل”، مرجعة سبب الوضع القائم إلى “تعاقب السياسات اللاشعبية”.

وأوضح عبد العالي اكميرة، الكاتب العام للكونفدرالية العامة للشغل، أن الوضعية الاجتماعية الصعبة التي ترزح تحت وطأتها فئات واسعة من المغاربة لا يعود سببها إلى عدم توفر الدولة على إمكانيات مالية، بل إلى سوء تدبير هذه الإمكانيات.

وقال اكميرة، في تصريح لهسبريس، إن المغرب ليس بلدا غنيا، “ولكن لديه ثروات بحرية ومعدنية، ولديه إمكانيات، لكن الطريقة التي توزع بها هذه الإمكانيات هي التي فيها إشكال، ولا تستجيب لحاجيات المواطنين”.

وذهب المتحدث ذاته إلى القول إن الحكومة عوض أن تتخذ إجراءات في صالح الطبقات الهشة والطبقة العمالية، “أصبحت هي صوت الباطرونا”.

من جهة ثانية، طالبت الكونفدرالية العامة للشغل بتقليص ميزانيات التسيير، مثل المصاريف المتعلقة بالسفريات، والبنزين، والفنادق، والمطاعم، لكل الوزارات والمرافق العمومية التابعة لها. كما طالبت بتخفيض الأجور العليا.

وسبق لرئيس الحكومة أن دعا وزراء حكومته إلى التقشف في المصاريف، وبذل الإمكانيات المتاحة لتدبير الأزمة الراهنة. وقال اكميرة إن “هذا الكلام يُقال عند مناقشة قانون المالية كل سنة، ولكنه لا يطبق”.

وأضاف أن كل وزارة “يوجد فيها لوبي قوي يدافع عن مصالحه بشراسة. لذلك نرى، ونحن في عز الأزمة، سيارات المسؤولين تتغير، ودراسات يُسند إجراؤها إلى مكاتب دراسات دون أن يكون لها جدوى، ولا يمكن أن نفهم كيف تُصرف أموال طائلة لإجراء دراسات توضع على الرفّ”.

واستحضر اكميرة قرار تعيين أعضاء هيئة ضبط الكهرباء، وتمتيعهم بأجور عالية تؤدّى بأثر رجعي، معتبرا أن هذا القرار في حد ذاته “يعكس أن تدبير ميزانية الدولة غير متحكم فيه، لأن ما يجمع مكونات الحكومة هو الريع، وكل طرف يبحث عن مصالحه”.

من جهة ثانية، انتقدت الكونفدرالية العامة للشغل طريقة صرف مخصصات صندوق تدبير جائحة فيروس “كورونا”، والطريقة التي تمت بها عملية صرف المساهمات، “مما يتطلب تقديم كشف دقيق للحساب أمام الشعب المغربي”، تضيف الكونفدرالية.

وأوضح اكميرة أن إحداث صندوق تدبير جائحة “كورونا” كان ضروريا كآلية للتضامن، قبل أن يستدرك قائلا: “لكن طريقة صرف الموارد المالية لهذا الصندوق فيها إشكال، لأن كل قطاع وزاري يعتبر أن من حقه أن ينال حصته منه. كما أن دعم الفئات التي تعمل في القطاع غير المهيكل لم تكن بناء على رؤية واضحة، لأن الحكومة اعتقدت أن الجائحة ستزول سريعا لافتقارها إلى تصورات حقيقية حول الوضع”.

ونبّه الكاتب العام للكونفدرالية العامة للشغل إلى عواقب إغلاق الأحياء وما يترتب عن ذلك من إغلاق مصادر دخْل فئات واسعة من العاملين في القطاع غير المهيكل، موضحا أن هذه القرارات “يُمليها حفظ الصحة العامة، ولكن ينبغي تقديم بديل للمواطنين، عوض الإغلاق عليهم وتركهم يواجهون مصيرهم”.

hespress.com