بنفس درجة التهافت اللصوصي، لم يختلف واقع حال واقعة سرقة ما تبقى من مشروبات كحولية داخل شاحنة مهشمة بالرباط عن قيام عديد من الأفراد بخطف أكباش من سوق مخصص لبيع أضاحي العيد بمدينة الدار البيضاء.

وبشكل متشابه، بدا محاصرو المكانين، على اختلاف حاجتيهما، على نفس المسافة من الارتباط بالمجاني واستغلال لحظات الضعف الإنساني، خصوصا أن سائق شاحنة الخمور مصاب جراء حادث الانقلاب وبائعي الماشية لاقوا مدا عدديا يصعب إيقافه.

والتقت الواقعتان في ظروف حاجة الناس للأكباش تزامنا مع عيد الأضحى، كما ربطت تعليقات واقعة شاحنة المشروبات بدنو موعد احتفالات السنة الجديدة؛ وهي مناسبة عادة ما تشهد جلسات انتشاء حميمية، بعضها يتجاوز الحدود.

وأظهرت مقاطع فيديو سرقة المواشي مواطنين يستغلون حالة الضعف التي كان عليها الملاك وانقضوا على البضاعة متجاوزين النصائح المرتبطة بالمناسبة الدينية وضرورة الاعتماد على النفس لضمان شرعية الأضحية، فيما اختار ملتقطو قنينات الخمر أخذ حصتهم منها والفرار.

سعيد جعفر، رئيس مركز التحولات المجتمعية والقيم في المغرب وحوض المتوسط، أورد أن هذه الأفعال لا يجب أن تعزل عن ذهنية وتاريخ المغاربة، كشعب تضرر من المجاعات و”بوهيوف” خلال فترات ماضية، وبالتالي هناك استساغة جماعية لمثل هذه الأفعال.

وأضاف جعفر، في تصريح لجريدة هسبريس، أن عمر بن الخطاب كان قد أجاز السرقة في عصر وظروف معينة؛ لكن تم توظيف الموقف بشكل تعسفي وتحول في السياق الراهن إلى إجرام، منبها إلى ظواهر أخطر مما جرى هذه السنة.

ومن وجهة نظر السوسيولوجي المغربي، فخلال بعض حوادث السير، ينتشل الناس أغراض المصابين والموتى، وهذا أخطر بكثير قيميا وأخلاقيا من الواقعتين، مسجلا أن الشخصية المغربية تعاني من انفصام أخلاقي واجتماعي ممتد.

وأكمل جعفر قائلا: “أخلاقوية المغاربة تظهرهم متمسكين بالدين على مستوى الخطاب؛ لكن في الممارسة يختلف الأمر تماما”، مطالبا الدولة بالتحرك للاستثمار في المجالين الروحي والعقلي، وليس الطقوسي، مع ضرورة تكييف المعطيات الدينية مع الواقع.

hespress.com