يلجأ عدد من المساجين إلى الإضراب عن الطعام، كأداة للاحتجاج أو للمطالبة بتغيير وضعية معينة، وتوالت خلال السنوات الأخيرة الإضرابات من هذا النوع، خاصة بعد الاعتقالات التي طالت عددا من نشطاء حراك الريف، كما لجأ إلى هذه الوسيلة أيضا صحافيون.

ولتدبير الإضراب عن الطعام في المؤسسات السجنية، أعدت أربع مؤسسات رسمية، هي المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، ووزارة الصحة، ورئاسة النيابة العامة، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، بدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، دليلا هو الأول من نوعه، سيكون مرجعا وإطارا لعمل هذه المؤسسات في التعامل، كل حسب اختصاصها، مع السجناء المضربين عن الطعام.

ويهدف الدليل، في المقام الأول، إلى حماية السلامة الجسدية للسجناء المضربين عن الطعام، وصون حقهم في الحياة، انسجاما مع مقتضيات الدستور الذي جعل من الحق في الحياة “أول الحقوق لكل الإنسان” وأكد على حمايته بالقانون.

ويشير الدليل إلى أن الإضراب عن الطعام يتخذ وسيلة من قبل السجناء لإيصال المظالم أو بعض المطالب، ووسيلة للاحتجاج على ظروف الاعتقال التي يرونها غير مرضية، أو لدواع أخرى مرتبطة بالقضايا التي يتابعون فيها أمام القضاء، وقد تكون وسيلة للضغط من طرف المعتقل على إدارة المؤسسة السجنية، أو أداة للتعبير.

ومن بين المبادئ الواردة في الدليل الذي قدم في مقر المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، الأربعاء، أن يحرص موظفو المؤسسة السجنية على نقل المعلومات الصحيحة بشكل واضح وتام إلى السجين المضرب عن الطعام، تفاديا لحصول أي سوء فهم من طرفه للمعلومات التي تصله، وذلك حفاظا على صحته وحياته وكرامته.

وتنص المادة 131 من القانون رقم 28.93 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية، على أنه في حال إضراب معتقلٍ عن الطعام، يخبر بذلك مدير إدارة السجون، وعائلة المعتقل، كما تخبر بذلك السلطة القضائية، إذا تعلق الأمر بمعتقل احتياطي، ويمكن إجبار المعتقل على التغذية إذا أصبحت حياته معرضة للخطر، وذلك بناء على تعليمات الطبيب وتحت مراقبته.

ويتعين على حراس السجن إيصال جملة من المعلومات إلى السجين المضرب عن الطعام، مثل إخباره بأن القانون يضمن حق الفرد في اللجوء إلى هذه الوسيلة كأداة للاحتجاج، وإخباره بأن من شأن إضرابه عن الطعام أن يلحق أضرارا بصحته البدنية والعقلية، وإرشاده إلى البدائل التي توفرها إدارة السجن له من أجل تمكينه من إيصال مطالبه أو التعبير عن شكواه، مثل طلب مقابلة مدير المؤسسة السجنية، أو محاميه، أو مندوب من المجلس الوطني لحقوق الإنسان.

وينص دليل تدبير الإضراب عن الطعام في المؤسسات السجنية على وجوب التصريح، كتابة، لدى إدارة المؤسسة السجنية، بأي إضراب عن الطعام، إما من طرف السجين المضرب عن الطعام نفسه، إذا أمكنه ذلك، أو من طرف شخص آخر يمكن الوثوق به مكلف من طرف المعني بالأمر.

ويتم إرسال التصريح الرسمي المكتوب بالإضراب عن الطعام إلى رئيس العنبر، الذي يحيله بدوره على رئيس المعقل؛ وفي حال امتناع السجين عن تناول وجباته الغذائية دون التصريح الرسمي بذلك، يتعين على حراس السجن أن يخبروا الفريق الطبي للمؤسسة السجنية.

وبناء على الهيكلة التنظيمية للمؤسسة السجنية وطبيعة مطالب السجين المضرب عن الطعام، يمكن لرئيس العنبر ورئيس المعقل أن يتواصلا مع السجين، من أجل فهم أسباب ودواعي لجوئه إلى الإضراب عن الطعام، والعمل على إيجاد حلول لها، إذا كانت الحلول الممكنة مندرجة ضمن اختصاصهما، كما يتعين عليهما أن يشرحا له بدائل الاحتجاج الأخرى المتوفرة بالمؤسسة السجنية، كاستعمال علبة الرسائل السرية، وطلب مقابلة مدير المؤسسة السجنية، أو المحامي، أو مندوب عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان.

ويوصي الدليل الطاقم الإداري والأمني العامل بالمؤسسة السجنية بتفادي الطلبات المتكررة لوقف الإضراب عن الطعام، بداعي أن الأوامر إلى السجين بوقف إضرابه عن الطعام غير فعّالة، لكونه يعتبرها نوعا من الضغط عليه، وقد يكون رده متعنتا أو ينجم عنه صدام بينه وبين الحراء أو الإداريين.

وفي حال تمادى السجين في إضرابه عن الطعام ولم تفلح محاولات ثنيه عن ذلك، يتعين على مدير المؤسسة السجنية، في أجل أقصاه 48 ساعة من بدء الإضراب، استقبال النزيل، على انفراد، من أجل فهم دواعي لجوئه إلى الإضراب، ويوضح له حقوقه وواجباته، وأن الإضراب عن الطعام هو اختيار حر.

وبلغ عدد حالات الإضراب عن الطعام التي خاضها السجناء في المؤسسات السجنية الوطنية خلال سنة 2011، ما مجموعه 1011 حالة، بحسب المعطيات التي قدمها توفيق أبطال، رئيس قسم الرعاية الصحية بالمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، في تصريحات للصحافيين خلال حفل تقديم دليل الإضراب عن الطعام بالمؤسسات السجنية.

hespress.com