الجمعة 03 يوليوز 2020 – 05:00
قال عبد الرحمن حداد، أستاذ باحث في كلية الحقوق بمكناس، إن “تسمية الأزقة والشوارع والساحات العمومية تمثل اختصاصا ترابيا خوله المشرع لمجالس الجماعات منذ أول ظهير متعلق بالتنظيم الجماعي بتاريخ 23 يونيو 1960؛ إلا أن المشرع “سيّج” هامش حرية المجالس الجماعية المنتخبة في هذا الباب، وأخضع ممارسة هذا الاختصاص لمراقبة وزارة الداخلية”.
وأضاف حداد، في مقال بعنوان “الإطار القانوني لتسمية الأزقة والشوارع والساحات العمومية”، خصّ به هسبريس، أن “وزارة الداخلية عملت، ومنذ سنة 1977، على إصدار العديد من الدوريات لتوضيح كيفية ممارسة هذا الاختصاص. والحقيقة أن تواتر هذه الدوريات يعود إلى ظهور العديد من الاختلالات والنواقص في ممارسة المجالس التداولية لصلاحياتها في مجال إطلاق تسميات على أزقتها وشوارعها وساحاتها العمومية”.
وتابع موضحا: “إن أول ما تجب الإشارة إليه هو أن التسمية اختصاص للمجلس التداولي برمته يمارسه بمقرر جماعي، وليس اختصاصا حصريا لرئيس المجلس؛ بمعنى أن إطلاق التسميات يمر وجوبا بمداولات المجلس الجماعي خلال دوراته المنصوص عليها في القانون الجاري به العمل. وإذا كان هذا المقرر حسب ظهير 1960 يخضع لمراقبة سلطة الوصاية، أيا كان نوع التسمية، فقد تم حصر ممارسة الرقابة الإدارية، منذ ظهير 1976، على التسميات التي تحمل تشريفا عموميا (شخصيات) أو تذكيرا بحدث تاريخي”.
وأكد الجامعي أنه لتدقيق هذه المقتضيات، ميزت دورية لوزارة الداخلية، صدرت بتاريخ 15 فبراير 2011 (عددD1560 ق.م.م/3)، بين نوعين من التسميات، يخضعان لنظامين مختلفين من الرقابة؛ فالنوع الأول، وهو الذي يؤطره نظام صارم، يهم التسميات التي تحمل تشريفا عموميا أو تذكيرا بحدث تاريخي. هذه التسميات تخضع لمصادقة سلطة الوصاية. ويشمل هذا النوع صنفين من التسميات: الصنف الأول يتعلق بالمقررات التي تقترح إطلاق اسم الملك أو اسم أحد أفراد العائلة الملكية على شارع أو ساحة عمومية. وتتوقف مصادقة سلطة الوصاية في هذا الصنف من التسميات على التماس موافقة الملك بعد إحالة الملف على الديوان الملكي. وتأسيسا على هذه المسطرة الخاصة، نبهت دورية وزارة الداخلية الصادرة بتاريخ 29 يناير 1997، رقم 88 ق.م/3، إلى أن آجال المصادقة المنصوص عليها في قانون التنظيم الجماعي لا تسري على هذا الصنف من التسميات. ويتضمن ملف المصادقة مذكرة تقديمية يعدها رئيس المجلس الجماعي، ومحضر مداولات المجلس الجماعي محرر بشكل لائق لا من حيث صياغته أو شكله، وصور فوتوغرافية حديثة مأخوذة من عدة اتجاهات للساحة أو الشارع المعني، وبطاقة تقنية حول الشارع أو الساحة من الناحية العمرانية والجمالية، وتصميما للشارع أو الساحة المعنية، وتقرير السلطة الإقليمية حول مدى جدارة الشارع أو الساحة موضوع المقرر بحمل اسم من أسماء العائلة الملكية.
ويهم الصنف الثاني التسميات التي تحمل تشريفا عموميا أو تذكيرا بحدث تاريخي. وتخضع هذه التسميات لمصادقة عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه داخل أجل 20 يوما من تاريخ التوصل بالمقرر من رئيس الجماعة، حسب مقتضيات المادة 118 من القانون التنظيمي 14-113 المتعلق بالجماعات. وتتم المصادقة بناء على ملف يضم مذكرة تقديمية يعدها رئيس المجلس الجماعي، ومحضر مداولات المجلس، ونبذة تاريخية عن الشخصية أو الحدث التاريخي الذي وقع عليه الاختيار، وتصميما موقعيا حول الشارع أو الساحة العمومية المراد تسميتها، وتقرير السلطة الإقليمية حول التسمية المقترحة.
أما النوع الثاني، بنظر الأكاديمي، فيهم التسميات التي لا تحمل اسم الملك أو العائلة الملكية ولا تهدف إلى تشريف عمومي أو تذكير بحدث تاريخي، فهذا النوع لا يخضع لمصادقة سلطة الوصاية في شخص العامل، إلا أن هذا الأخير يمتلك صلاحية التعرض على هذه التسميات إما عند التوصل بجدول أعمال دورة المجلس الجماعي أو عند التوصل بمحضر المداولات التي تحمل مقرر التسمية.
“وعلى العامل أن يعلل تعرضه ويبلغه خلال أجل ثلاثة أيام من أيام العمل من تاريخ التوصل بالمقرر الجماعي، حسب المادة الـ117 من القانون التنظيمي سالف الذكر. ويترتب عن التعرض إجراء المجلس الجماعي لمداولة ثانية في نفس الموضوع. وإذا تشبث المجلس، عقب هذه الجولة الثانية، بنفس التسميات، يحيل العامل الأمر على القضاء الإداري الاستعجالي الذي يبت في أجل 48 ساعة في طلب إيقاف التنفيذ. بعد ذلك، تبت المحكمة الإدارية في طلب البطلان في أجل 30 يوما”، وفق المقالة.
أشار المصدر عينه إلى أن “وزارة الداخلية حثت الجماعات على ضرورة وجود تناسق في التسميات المقترحة لتأخذ بعين الاعتبار إكراهات التوسع العمراني، كأن يختص كل حي بفئة متناسقة من الأسماء تهم رجال العلم أو الأحداث التاريخية أو العواصم والمدن أو المواقع الجغرافية والطبيعية الوطنية”، خاتما بأن “الوزارة اعتبرت أن في ذلك تسهيلا لعمل الإدارات العمومية وموظفي البريد وسائقي سيارات الأجرة. أما المرسوم رقم 2.17.307 المؤرخ في 3 يوليوز 2017، فقد نبه إلى أن اختيار التسميات يجب أن يكون معللا ولا يستند إلى دوافع شخصية ولا مرتبطا باستغلال مواقع النفوذ والامتياز. كما لا يجب ألا تتضمن التسميات المختارة مسا بالنظام العام أو بالأخلاق الحميدة”.