قال هشام المكي، أستاذ جامعي، إن “المغرب بذل جهودا حثيثة لمحاربة وباء كورونا، إذ قاد تجربة أصيلة ومتميزة في ذلك”، وزاد: “أفترض – بقدر كبير من التبسيط – أن نجاح جهود المغرب في التصدي لوباء كورونا سيقوم على الأقل على أربعة عناصر أساسية”.

ويسرد المكي، في مقال بعث به إلى هسبريس، تحت عنوان “كورونا والحصاد المر”، هذه العناصر كما يلي:

1) الموارد البشرية والإمكانات المادية: كان صندوق مواجهة الوباء فكرة ذكية وسديدة؛ لكن هذا لم يمنع من وجود ضغط شديد على الموارد البشرية وعدم كفايتها، خصوصا في قطاعي الصحة والأمن..كان من الأجدر مد هذه الجهات بموارد بشرية كافية ومساعدتها بتوفير شروط أفضل للعمل.

2) ضمان تطبيق السياسات والإجراءات المقررة: وهو ما يصطدم أحيانا ببعض حالات الفساد والتغاضي عن المخالفين أو التحايل على القوانين من طرف المواطنين، وهو ما تصلنا عنه نماذج من حين إلى آخر عبر وسائل الإعلام.. كان من الأجدر تكريس جهد أكبر لاجتثاث الفساد والمصلحية الضيقة التي تأخذ أشكالا متعددة، من أبسط مواطن إلى أكبر مسؤول.

3) الثقة في الحكومة ومؤسسات الدولة المختلفة: إذ تشكل إجماع وطني جيد في بدايات الأزمة، لم يلبث أن انفرط عقده؛ فتراجعت ثقة المواطنين في سياسات الدولة وما تتخذه من إجراءات، وتعددت الأصوات المنتقدة أو المستنكرة…على الأقل بسبب ضعف التواصل وسوء تبرير الإجراءات المتخذة، إن لم يكن بعضها غير موفق. كان يجدر بالدولة منح اهتمام أكبر بالجانب التواصلي وبناء الثقة كما وكيفا.

4) ارتفاع مستوى وعي المواطنين، الذي يؤهلهم لـ: فهم طبيعة الأزمة، وتقدير خطورتها، وتقبل إجراءات الوقاية منها، وحسن تطبيق تلك الإجراءات…في حين نجد فئة من البسطاء خارج الزمن لا تفهم ما يدور من أحداث، وفئة أخرى مازالت تكابر وتنكر ما يقع وتدعي أن الوباء محض كذبة وافتراء، وفئة ثالثة تحاول الاندماج في جهود التصدي والوقاية، لكن تتحكم فيها العادات الاجتماعية وتصدر عنها تطبيقات كاريكاتورية لإجراءات السلامة (لدي منها الكثير من القصص الواقعية)، وفئة قليلة ملتزمة وتصارع اجتماعيا لإنجاح التزامها..كان يجدر بالدولة الاستثمار أكثر في التعليم وتعزيز الوعي.

واستطرد محدثنا بالقول: “إن ما نعرفه حاليا من تزايد للإصابات، وتعدد للانتكاسات، هو نتيجة لتراكمات قديمة لسلسلة من أشكال التفريط، وعدم ترتيب الأولويات، وغياب استثمار حقيقي في محاربة الفساد وتخليق الفضاء العام”.

كما يلفت الأستاذ الجامعي إلى غياب الاستثمار في “تعزيز الموارد البشرية وتشجيعها، وبناء الثقة في المؤسسات وفي الممارسة السياسية، والتعليم، والتعليم، والتعليم”، خالصا إلى أن “ما نعيشه الآن هو نموذج عن الحصاد المر…لما زرعناه سلفا”، متسائلا: “فهل نعي الدرس، ونزرع وعياً ومواطنةً وأخلاقاً وتنميةً؟”.

hespress.com