أطلقت قبل أيام حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذا من خلال لوحات إشهارية بشوارع الدار البيضاء، تدعو إلى عدم منح الأطفال المتسولين مساعدات مالية، وذلك قصد ثنيهم عن التسول، وبالتالي العودة إلى المنزل والدراسة.
وتقف وراء هذه الحملة التي اختير لها شعار “#بلاصتو_ماشي_فالزنقة”، جمعية جود بالدار البيضاء، التي ترى أن تقديم دعم للأطفال المتسولين بداعي الصدقة والإحسان، يسهم في تنامي الظاهرة، مشددة على أن “الخير لي تدير فيه ما تعطيهش”.
ويرى الباحثون أن هذه الحملة من شأنها أن تساهم في تعزيز الوعي لدى المواطنين بضرورة تشجيع الأطفال المتسولين بشوارع العاصمة الاقتصادية على العودة إلى المنازل ومتابعة الدراسة، وإنقاذهم بذلك من التشرد ومخاطر الشارع.
وفي هذا الصدد، قال الباحث في علم الاجتماع يوسف معضور إن “غالبية الناس يعتقدون أن منح طفل في وضعية تسول بالفضاءات العامة درهما أو أكثر، هو بمثابة حل سيخرجه من تلك الوضعية، لكن على العكس، فهذا السلوك يساهم أكثر في بقاء هذه الفئة في وضعية الشارع عوض المدرسة التي تعتبر وضعيتهم الطبيعية”.
وشدد الباحث في علم الاجتماع، في تصريح لجريدة هـسبريس الالكترونية، على أن “الجانب العاطفي هو ما يجعل غالبية المارة يمنحون صدقة بمفهومها الإحساني الديني لهؤلاء الأطفال، معتقدين أن الأمر يدخل في باب القيام بعمل خيري وينظرون إلى تلك الفئة بعين الشفقة”.
ولفت المتحدث إلى ضرورة “تحكيم العقل قصد رؤية الظاهرة من زاوية واقعية، والقطع مع هذا السلوك الذي يساهم في صناعة جيل جديد معطوب من المتسولين يتم استغلالهم بشكل فظيع في تحصيل مبالغ مالية لفائدة آبائهم وأولياء أمورهم، وأيضا استغلالهم جنسيا”.
وأوضح المتخصص في القضايا الاجتماعية أن المواطن المغربي يجب أن يتعامل مع الأمر “بشكل عقلاني منطقي، وألّا يكرس هذا السلوك، ويعمل على الاستجابة لنداء العديد من جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني استنادا إلى دراسات واحصائيات صادمة تم القيام بها في السنوات الأخيرة حول ظاهرة التسول في المغرب”.
ودعا معضور إلى الانخراط “في حملات التحسيس المتعلقة بعدم منح الأطفال النقود، ورفع شعار واضح بالدارجة: بلاصتو ماشي فالزنقة، أي إن المكان الطبيعي للطفل هو المدرسة وليس استغلال براءته في امتهان حرفة التسول، وذلك حتى لا نجعل منه إنسانا اتكاليا يخضع لقانون الشارع ويتمتع بسلوك عدواني”.
وتعرف العاصمة الاقتصادية على مستوى مختلف الشوارع الكبرى بالقرب من إشارات المرور، تواجد العشرات من الأطفال الذين يعمدون إلى التسول تارة، وتارة أخرى مسح زجاج السيارات، طمعا في دريهمات من السائقين.
وباتت هذه الظاهرة تقض مضجع المواطنين مستعملي السيارات؛ إذ يفاجؤون بعدد من المتسولين الصغار، الذين انضافوا إلى عدد من مهاجري دول جنوب الصحراء المنتشرين بمختلف الشوارع والمقاطعات، يستجدون كرمهم عند إشارات المرور.