“قلق بالغ” عبّرت عنه منظمة الصحة العالمية بشأن ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس “كورونا” كل يوم في المغرب، وهي الحالات التي لا تقل عن ألفي حالة في ظرف 24 ساعة، علما أن إجمالي الإصابات يقترب من مائة ألف حالة وبالضبط 90324 حالة مؤكدة.

وتطرح هذه الحصيلة الوبائية التي تجاوزت عدد الإصابات في الصين مدى نجاعة المقاربة الحكومية في مواجهة الجائحة، خصوصا بعد عودة تفشي الوباء بشكل مثير إثر رفع الحجر الصحي بشكل تدريجي في منتصف شهر يوليوز، ولا سيما بعد عيد الأضحى.

ومنذ رفع الحجر الصحي، لم تنجح الحكومة في تخفيض معدل تكاثر فيروس “كوفيد 19” المستقر اليوم في حدود 1,11؛ فيما يطمح المخطط الوطني لمحاربة “كورونا” إلى تخفيض هذا المعدل إلى أقل من 1، لكن هذا الهدف يبقى صعب المنال في ظل ارتفاع عدد الحالات النشطة إلى ما يناهز 20 ألف حالة، نصفها تقريبا يتمركز في جهة الدار البيضاء سطات.

الوضعية المقلقة في الدار البيضاء الكبرى دفعت وزير الصحة إلى زيارة المدينة للوقوف على التدابير والإجراءات اللازمة للحد من انتشار الوباء، إذ عمدت الوزارة إلى توفير الدعم اللوجستيكي للبنية الصحية من قبيل الطاقة الاستشفائية والآليات البيو طبية وتوسيع قدرة الكشف والتكفل الصحي، لكن هذه الإجراءات لم تكف إلى حد الساعة؛ ما دفع الوزارة إلى فتح المجال أمام القطاع الخاص.

وتجاوز المغرب بأضعاف مضاعفة “السيناريو الأسوأ” الذي كانت وزارة الصحة قد توقعته بخصوص ذروة الوباء في المغرب، والذي حصرته في رقم 10 آلاف حالة، في وقت باتت المملكة تسجل في ظرف 15 يوماً (الفترة من 31 غشت إلى 13 شتنبر) 25287 إصابة.

وعلى الرغم من قرارات الإغلاق التي اتخذتها السلطات العمومية في مدن عديدة بالمملكة، فإن ذلك لم يحد من تفشي الوباء وظهور البؤر بالأحياء والمصانع والمعامل، خصوصا في الدار البيضاء الكبرى التي تقرر فيها منذ الاثنين 7 شتنبر الجاري تطويقها بتدابير عديدة.

هذه التطورات المثيرة دفعت فرقا برلمانية من الأغلبية والمعارضة إلى استدعاء خالد آيت الطالب، وزير الصحة، قصد المثول غداً الخميس بلجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، لمناقشة تطور الوضع الوبائي المقلق في الآونة الأخيرة، وكذا تداعيات البؤر الوبائية في بعض الضيعات الفلاحية والوحدات الإنتاجية والصناعية، ومدى تحفيز العاملين بقطاع الصحة، وكذا تقييم فترة الحجر الصحي.

وحمّل رحال لحسيني، نائب الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للصحة التابعة للاتحاد المغربي للشغل، مسؤولية ما وصلت إليه الأوضاع إلى طريقة تدبير حكومة العثماني للوباء في الفترة الأخيرة.

وقال المسؤول النقابي، في تصريح لهسبريس، إن المقاربة الحكومة لا ترقى إلى الحد من تطويق رقعة انتشار الوباء”، مشيرا إلى أن “غياب التواصل الحكومي جعل المغاربة يطبعون مع هذه الأرقام المرتفعة في وقت كان تسجيل أعداد قليلة يرعب المواطنين”.

واعتبر رحال لحسيني، في تصريحه، أن المغاربة يتعايشون اليوم مع هذه الأرقام المرعبة في ظل سوء التواصل الحكومي، خصوصا على مستوى إقناع وزارة الصحة باستمرار خطورة الوضع الوبائي”.

ويرى القيادي النقابي في قطاع الصحة أن الحكومة سجلت “فشلا ذريعا في طريقة تدبيرها للوباء مؤخرا”، منتقدا غياب ندوات صحافية للناطق الرسمي باسم الحكومة أو ندوات صحافية لوزارة الصحة تجيب عن أسئلة الرأي العام وتوضح كيفية التعامل مع الوباء، قبل أن يؤكد قائلاً: “ولينا غاديين بدون قيادة حكومية”.

وعلى مستوى قطاع الصحة الذي يوجد في الصفوف الأمامية، فقد أكد نائب الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للصحة أن الأطر الصحية توجد اليوم في وضعية جد صعبة نتيجة ارتفاع إصابات “كوفيد 19” في صفوفها دون وجود أي مقاربة وزارية، بتعبيره.

وانتقد المتحدث “غياب خطة وزارية لحماية الأطر العامة في الصفوف الأمامية”، وزاد أن تسجيل إصابات ضمن الطواقم الطبية بات اليوم “أمرا عاديا، علما أنه في حالة استمرار هذا الوضع سنصل إلى إغلاق مؤسسات صحية بأكملها بعد تحولها إلى بؤر”.

hespress.com