الثلاثاء 17 نونبر 2020 – 13:00
لوحظ، خلال الآونة الأخيرة، إقدام القوات العمومية على منع عدد من الوقفات الاحتجاجية في العاصمة الرباط، وفي مدن أخرى، كان آخرها الوقفة التي نظمها الممرضون وتقنيو الصحة أمام مقر وزارة الصحة بالرباط.
قبل وقفة الممرضين وتقنيي الصحة، مُنع أيضا الأساتذة أطر وزارة التربية الوطنية حاملو الشهادات من تنظيم وقفة أمام مقر الوزارة، ما دفعهم إلى نقل شكلهم الاحتجاجي إلى مديرية الموارد البشرية؛ لكن قوات الأمن فضّت احتجاجهم بالقوة.
المصير نفسه لقيته الوقفة الاحتجاجية التي نظمها الأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين أمام مقر المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بمدينة سلا؛ فهل يعني فض هذه الوقفات نهاية “تساهل” السلطات مع الاحتجاج، الذي شهد زخما كبيرا بعد الحراك الذي شهده المغرب انطلاقا من سنة 2011؟
في تقدير محمد النوحي، الرئيس السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، فإن التضييق على الحريات، وفي مقدمتها حرية التعبير والاحتجاج السلمي، “هو جزء من النكوص الذي تشهده المرحلة الحالية على مستوى حقوق الإنسان، وهذا ما تؤكده تقارير المنظمات الحقوقية”.
ويرى النوحي أن “تراجع الحريات في المغرب مرتبط بالسياق العام الإقليمي والدولي”، لافتا الانتباه إلى أن العنصر الذي عمّق هذا التراجع “هو استثمار تداعيات جائحة كورونا، التي اعتبرتها الحكومة فرصة للتضييق على الحريات”.
وقوبل فض الوقفة الاحتجاجية التي خاضها الممرضون وتقنيو الصحة للمطالبة بتمتيعهم بتعويض ملائم عن الأخطار بانتقادات واسعة، وحظي المحتجون بتعاطف، خاصة أنهم ضمن الفئات التي توجد في الصفوف الأمامية التي تواجه جائحة فيروس كورونا منذ شهور.
ويرى الفاعلون الحقوقيون أن فضّ الوقفات الاحتجاجية السلمية ينطوي يشكل تناقضا لالتزامات المغربية الدولية؛ وفي مقدمتها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، كما يناقض مقتضيات دستور المملكة نفسه.
وينص الفصل 29 من دستور 2011 على أن “حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي مضمونة”، ويضيف الفصل نفسه أن شروط ممارسة هذه الحريات تحدد بقانون.
واعتبر محمد النوحي أنه لا يوجد أي مبرر موضوعي لفض الاحتجاجات السلمية، لكونها تُنظم في الغالب أمام مقرات الوزارات والمؤسسات، ولا تشكّل أي عرقلة لحركة المرور، أو الإخلال بالنظام العام، لافتا إلى أن هناك اجتهادا سابقا للمحكمة الإدارية أكد أن الاحتجاج “حق مشروع”.
وأضاف أن نص الوثيقة الدستورية واضح، وفيه تصريح صريح بأنه يضمن الحق في التظاهر السلمي، لافتا إلى أن المطلوب هو إخراج قانون لتنظيم أشكال التظاهر والاحتجاج يحترم المقتضيات المنصوص عليها في قانون الحريات العامة.
وشدد المتحدث ذاته على أن “الفئات التي تلجأ إلى الاحتجاج لا تنزل إلى الشارع إلا بعد أن تُوصد جميع أبواب الحوار في وجهها”.